لطالما أخبرني أنها تزورهُ كل ليلة لتملأ عليه أحلامهُ ، و يقضي يومهُ كاملا ً يجتر نشوة ذلك الحلم ، و ينتظر الليل حتى يرخي سدالهُ ، و يتجدد هذا الحلم .
إمرآة ملائكية ليست من بني البشر وجهها نور على نور محجبة بوشاح يشع نورا ً تجترهُ خلفها على مد البصر ، ذات أجنحة ناصعة البياض تحمل على راحتها رأسا ً أخر يسرك النظر إليه .
و ذات يوم إتصل بي ، فرحتُ بإتصاله كثيرا ً ، كان قد مضى زمنا ً طويلا ً دون أن ألتقي به ، قال :- " ألم تشتاق لجلساتنا يا رجل ؟ " ثم أردف سريعا ً دون أن يأخذ نفس :- " أدعوك لتناول الغذاء اليوم في مكاننا المفضل و لن أسمح لك بالإعتذار . . . ستأتي ستأتي ! "
فما كان مني إلا أن قلت له :- " بكل سرور يا صديقي سأتي ! "
بدلت ملابسي و ذهبت إلى المطعم الذي اعتدنا أن نجلس فيه ، و حين وصلت إلى المطعم كان يجلس على طاولتنا المعتادة و الفرح يرسم ألوانه على وجهه على غير عادته ، سلمت عليه ، و سألته عن سر سعادته التي تلوح على تقاسيم و جهه ؛ قال أنه سيخبرني عن سر سعادته و نحن نتناول الغداء .
أحضر المضيف لنا الغداء و بدءنا نتناول طعامنا في صمت ، نظرتُ إليه فكان وجهه يشع نورا ، فآثرت النظر إليه عن الكلام ، فإذ به يقول :- " ألن تبارك لأخوك ؟ "
:- " عما أبارك . . ؟ "
فقال بنبرة فرح :- " لقد وجدتها و تحقق الحلم "
فقلت له مازحا ً :- " بجناحات ناصعت البياض و . . "
قاطعني قائلا ً بجدية :- " لا تستعجل ستصلك أخبارها و وصفها "
نظرت إليه باستحياء قائلا ً :- " و أنا في الانتظار ! "
كان يضحك بطريقة لم يعتدها من قبل رغم الدموع التي تملئ جفونهُ ، و عندما أنتهينا من أكلنا و شرابنا ، و قبل أن نهم بالمغادرة قال :- " أريد أن أعطيك أمانة . .( إنا عرضنا الأمانة على السموات و الارض و الجبال فأبين أن يحملها و أشفقن منها و حملها الإنسان أنه كان ظلوما ً جهولا . . ) "
فوعدتهُ و أعطاني ظرفا ُ ورقيا ُ كبير ، و حين سألتهُ عن محتواه قال :- " ستعرف في الوقت المناسب ، مالِ هذا الفضول يا رجل لم أعهدك فضوليا ً . . ! "
خرجنا من المطعم سويا ً ، و قبل أن نفترق كلٌ في طريقه ، نظر إلي و عانقني بشدة . . تفاجأتُ من تصرفه و ما كان مني إلا أن بادلتهُ العناق ، و حيرتي من غرابة تصرفاته هذا اليوم ترسم في الهواء علامات تعجب و استغراب ، لكني تناسيتها و تذكرت فقط أن صديقي مُتيم ، و العشق جنون ، و حال وصولي للمنزل وضعت الظرف في خزانتي الخاصة ، و تناسيته حتى يحين وقتهُ .
كانت الساعة الثالثة عصرا ً عندما كنت أشاهد برنامجا ً تلفزيونيا ً ، فإذ بخبر عاجل يقطع عرض البرنامج لـ يزف خبر عملية استشهادية في قلب الكيان الصهيوني أصفرت عن قتل العديد و جرح العشرات ، استقبلت الخبر بالتهليل و التكبير ، و بسرعة مهولة أخذت الريموت كنترول ، و قلبت القناوات باحثا ً عن قناة إخبارية تعرض تفاصيل العملية ، فإذ بصورة مُتـَيّم صديقي ، نعم إنهُ مُتَيّم بشحمه و لحمه ، للحظة زاغ بصري و فقدتُ معهُ سمعي ، ولم أستطع الوقوف على قدماي ، و أول ما خطر في بالي الأمانة ، توجهت نحو الخزانة حيثُ الأمانة و أنا أتعثر بكل ما هو أمامي ، أخرجتُ الظرف الورقي و قد إمتلأت مقلتاي بالدموع ، و أبت إلا أن تشاطرني لحظتي ، وضعتهُ أمامي دون أن أجرؤ على فتحه ، حتى دفعتني شجاعة لم أعلم من أين أتتني لأفتحهُ ، و أعرف ما بداخله علني أجد ما ينفي خبر رحيله ، أخذتُ نفسا ً عميقا ً ، و نفضتُ ما بداخله أمامي ، فإذ به يحتوي على صندوق ٍ أحمر و صورة تجمعنا أنا و هو و والدهُ ، و رسالة مكتوبة بخط يده !
سكت مسافة ابتلاع ريقه ثم أكمل :- " عدني أن لا تراها قبل بعد غد . . "
فوعدتهُ و أعطاني ظرفا ُ ورقيا ُ كبير ، و حين سألتهُ عن محتواه قال :- " ستعرف في الوقت المناسب ، مالِ هذا الفضول يا رجل لم أعهدك فضوليا ً . . ! "
خرجنا من المطعم سويا ً ، و قبل أن نفترق كلٌ في طريقه ، نظر إلي و عانقني بشدة . . تفاجأتُ من تصرفه و ما كان مني إلا أن بادلتهُ العناق ، و حيرتي من غرابة تصرفاته هذا اليوم ترسم في الهواء علامات تعجب و استغراب ، لكني تناسيتها و تذكرت فقط أن صديقي مُتيم ، و العشق جنون ، و حال وصولي للمنزل وضعت الظرف في خزانتي الخاصة ، و تناسيته حتى يحين وقتهُ .
كانت الساعة الثالثة عصرا ً عندما كنت أشاهد برنامجا ً تلفزيونيا ً ، فإذ بخبر عاجل يقطع عرض البرنامج لـ يزف خبر عملية استشهادية في قلب الكيان الصهيوني أصفرت عن قتل العديد و جرح العشرات ، استقبلت الخبر بالتهليل و التكبير ، و بسرعة مهولة أخذت الريموت كنترول ، و قلبت القناوات باحثا ً عن قناة إخبارية تعرض تفاصيل العملية ، فإذ بصورة مُتـَيّم صديقي ، نعم إنهُ مُتَيّم بشحمه و لحمه ، للحظة زاغ بصري و فقدتُ معهُ سمعي ، ولم أستطع الوقوف على قدماي ، و أول ما خطر في بالي الأمانة ، توجهت نحو الخزانة حيثُ الأمانة و أنا أتعثر بكل ما هو أمامي ، أخرجتُ الظرف الورقي و قد إمتلأت مقلتاي بالدموع ، و أبت إلا أن تشاطرني لحظتي ، وضعتهُ أمامي دون أن أجرؤ على فتحه ، حتى دفعتني شجاعة لم أعلم من أين أتتني لأفتحهُ ، و أعرف ما بداخله علني أجد ما ينفي خبر رحيله ، أخذتُ نفسا ً عميقا ً ، و نفضتُ ما بداخله أمامي ، فإذ به يحتوي على صندوق ٍ أحمر و صورة تجمعنا أنا و هو و والدهُ ، و رسالة مكتوبة بخط يده !
" لن أقول صديقي و دعني أقول أخي و صهري الحبيب . . . نعم صهري و حامي عرضي فأنا يا صديقي أعلم مهية مشاعرك اتجاه أختي هيام و قد أخبرت والدي أنك تريدها فبارك ذلك و إذا فتحت الصندوق الأحمر ستجد خاتما خطوبة ، مباركة عليك أختي و هي أمانه في عنقك إلى يوم الدين فكون لها الزوج و الأخ كما و أوصيك بوالدي إحسانا الى يوم الدين و اعتذر لهم جميعا عوضا عني فقد رحلت عنكم دون وداع و أخبرهم أني اليوم أشعر برجولتي أكثر من أي وقت أخر و أني سعيد فأنا اليوم عريس و أخبرهم أن الفتاة التي أخبرتهم أني أتمنى خطبتها و الارتباط بها تبلغهم من هنا السلام فقد سبقتني الى هذا العالم منذ سنيين ( الاستشهادية زينب علي عيسى أبو سالم ) نعم هي زينب فتاة أحلامي الملائكية ذات الأجنحة ناصعة البياص و أخبرهم أنها جميلة جمال النجوم في جفون السماء و جمال البدر في ليلة التمام طهرٌ و عفاف و حجاب لا يمسهُ النار ، تستحق أن تكون الروح مهرها ، و تستحق فلسطين أن نموت كلنا فداءا ً لحريتها . . فعاشت فلسطين حرة أبية
و ختاما ً سامحني يا صديقي إن أثقلت عليك الحمل . . . أخوك المحب مُتَيّم "
و ختاما ً سامحني يا صديقي إن أثقلت عليك الحمل . . . أخوك المحب مُتَيّم "
* القصه خياليه
- النهاية
حنين نضال [ حنين أدم ]