الجمعة، يناير 16، 2015

✿- فوق السحاب إلتقينا |قصة قصيرة .


كعادة العشاق إذا ما تم لقاء ، تكون الصدفة العامل الرئيسي لهذا اللقاء . لتطفي على المشهد الطابع الدرامي الذي يزيد من إحتدامه ، و تشويقه ، خصوصاً في لحظات الصمت الاولى قبل أول كلمة يتفوه فيها أحدهم .

ركب كلاهما الطائرة ذاتها ، دون علم الآخر ، و أنا على يقين لو أن أحدهم علم بوجود الآخر لتراجع عن الصعود ، و ألغى فكرة السفر ، و أصبحت الطائر تمثل هاجس اللقاء . و لأنه القدر منكر بهيئة "الصدفة" جلس كلاهما في ذات المقعد . لتتعانق النظرات ، و لو من خلف عدسات نظاراتهم المكبرة ، ولو أن العيون أحاطتها تجاعيد السنين ، ولو أن الهيئة إختلفت كثيراً .. الحب الحقيقي "عنقاء " يعود للحياة مع أول نظرة ، و يعود لشبابه مع أول همسة .

- يوماً لم أتوقع أن تسرج رحلة الخيال خيلها ، و تسري بي إلى أرض الأحلام ، و آرى الآماني تتحقق أمامي . حقاً إنه لعالم غريب و مدهش ، من كان يتوقع أننا سنلتقي ، و حين نلتقي فوق السحاب يكون لقاءنا !؟ و اللهِ أني آراني فارساً فر من أساطير ملوك الشرق .. أو أنني في وسط مشهد إدرامي ؛ حيث هناك على شرفة الزمان نافذة تتراقص فوقها ستارة حريرية شفافة تطل على عالم لحب الساحر ، و نحن الإثنان أبطال هذا المشهد و ترافق لقاءنا فرقة أولكسترا تعزف لحناً يزيد من توتر اللحظة و إحتدام المشهد . إنها الحياة بكل ثقة الأيام ، و بانكسارات الأحلام ، و فوضى الآمال العارمة المطلة على عينيكِ حيث تمتد شواطئ أحلامي المبعثرة كحبات مسبحة مقطوعة .
كم مر على أخر لقاءٍ لنا ؟!
منذ ذلك الوقت و ضمير الكون يتمتم لي بأننا سنلتقي و لن نفترف أبداً ، و لا زالت أم كلثوم بأغنية "أغداً ألقاك " تخبر قلبي أن كل صبح له موعد مع الغد و إن لم يشأ ؛ تلك التمتمات تحيك لي الكثير من أمنيات اللقاء ، و التي ارتبها فوق رفٍ من الدعوات الليلة . لطالما كنت مؤمن بأن الأقدار ستجمع شملنا ، و تنتهي من بعدنا أحزان العشاق ، و تتحقق بقايا الأمنيات في القلوب المنكسرة ، و تعود الحياة للبيوت المهجورة و ستفتح الشمس نوافذها .

- دعك من مفردات الشعراء ، و من جمل الروايات المزركشة بخيال العشاق الرومنسي ، لم أعد المراهقة الواقعه في الحب ، و لم تعد الحياة قصة حب " لقاء و فراق " البيوت هُجرت لأن قدم مستعمر دبت في البلاد ، و الشمس غيّمة عليها غمامة سوداء تتغذى على دخان القنابل ، و هذه الطائرة التي جمعتنا بعد كل تلك السنين لم أمتطيها رغبةً في السفر غير أني أجد كل العواصم أصغر من زنزانة المحتل ، و أشد فتكاً منها على ثائر أبعد عن وطنه , ذلك الوطن و قضيته التي عرفتني عليك ؛ لعل شهرتك كشاعر أنستك إياه .

- لا بل هي عيناكِ ، انستني قضيتي ، وحتى اسمي . لا تتهربي من الموضوع .

- عن أي موضوع تتحدث ، يا رفيق الغضب غزا الشيب شعري ، و قلبي الذي طرح أرضاً بغية الهلاك لو أعيد تدويره للمرة الألف لن يصبح صالح للاستعمال البشري . الزنزانه و المنفى بتواطئ مع الزمن جعلوا مني خردا . إذا ما شاب الثائر المهزوم نشب في داخله شعور بالإختفاء ، ولا اعني تلك الرغبة الناجمة عن موقف ، بل رغبة بالاختفاء و كأنك لم تخلق .. دون سبب . بل هناك سببٌ و مسببات كلانا يعرفها جيداً ، إنها تدفعنا إلى التلاشي كالوميض ؛ لا تاريخ يحمل مولدك ، لا عمراً يتمدد بداخلك ، لا مشاعر ، لا أحلام ، لا أوهام ولا آمال ، لا حضور ولا غياب ، ولا حتى قبر لك بين القبور ، لا شئ أبداً .

- لا بل شعور آخر شعور أعمق و أوجع يتلخص في غربتين و الحنين لوطنين ، من الغباء بمكان أن يعتقد أحدهم أن الشهرة قد تنسي الغريب وطنه ، أو العاشق حبيبه ، يقول الشاعر :-
نقــل فــؤادك حيـث شـئت من الهـوى ... فما الحب إلا للحيبيب الأولــــي 
وكم من منزل في الارض يألفه الفتى ... و حنينه أبد الدهر للمنزل الأولي 
لا زلت أحتفظ بالكثير من المعاني التي خبأتها لقصائد سأكتبها مستقبلاً ، و حين أقول الكثير فهذا يعني بأن جعبتي تغصُ بالكثير من المفرادات الملفوفة بالشرائط الحمراء و لا تليق إلا بقصيدة ينظمها شاعر مغوار مع القليل من المشاعر لإمرآة باذخة الجمال ، أو وطن حُر .. و آخشى ما آخشى أن أموت قبل أن تُنظم تلك القصائد . لقد كنتي ولا تزالين جزءاً من أدبي ، و وطني ، لم تغيبي عن بالي يوماً انتي الغائب الحاضر في كل مناسبة ، وكل مكان في حلي و ترحالي ، انتي الماضي ، و فيكِ يتجلى المستقبل المنتظر ، و لشدة تفكيري بهذا المستقبل لقد اخترت المشط الذي سيداعب شعركِ وقد غزاه الشيب كهدية لعيد ميلادكِ الستين ، و رأيت مشهداً يحمل لمعة عينيكِ حين رؤيتكِ لأول شعرة بيضاء ستنال من شعرك ، فكان هذا المشهد السبب الرئيسي للتحول الذي يثير غضبكِ الآن ، و أكتب قصائد الغرام بدلاً من شعر الثورة و الإنتقام . أنا أكثر تفائل ، كما التقينا بعد كل تلك السنين لا بد أن يزول عن بلادنا بلاء الاحتلال ولو بعد حين ، سيزول هذا الهم لا محالة سيزول !

طال الحديث بينهما عن الوطن تارة ، و عن العشق تارة إلى أن غلب النعاس كلاهما ، دون أن يغلب الأمنية المعلقة فوق رأسيهما . فهل ستحط الطائر بهما على أرضٍ تتوق لها الأفئدة ؟! فيكملا حياتهما معاً من مهد الحب إلى لحد الحياة ، وقد حققا الأمنية الأهم في مسار وجودهما "حرية الوطن" . 

الخميس، يونيو 12، 2014

✿ - متعب و حزين أننا كُنّا ..



أعلنت به الإكتفاء 
فجاء الموت من كل اتجاه !

وكأنه ترياقٌ يمشي فوق ظنوني 
وطنوني تلتمس الهوى عُذرا 

كم كنت أرغب ببعضٍ من العناق (لمّا) حيّاني 
لكنها على أرضٍ من سرابٍ كانت اللُقيّا

فاستحالت و لفتني الذكرى 
 كُنّا .. و كُنّا .. و كُنّا 
مُتعبٌ و حزين أننا كُنّا

ولا زلتُ كالأسرى 
حبيسة عيّنيه ، وفي عيّنيه كفن لا يَسلا 

حاشاه في عيّنيه وطن 
و الأوطان عُشّاقُها مَوْتَى !

الجمعة، مايو 30، 2014

✿ - زاد الجياد الماء والملح .



السلام عليكم و الأيام تؤرخ الأعوام
 في زمن مضمخ بالكبرياء و أمكنة تفيض بالأبطال و الأوجاع ؛ زاد الجياد
#مي_وملح



يا دامي العيّنين في دمعك 
نذْر .. وبخور
وحُلماً يحملهُ رحمٌ مملوء بزهر اللوز
و زهر اللوز في الكرمل مقتول !

تأكلني حويات البحر المسعور 
و القوافل تمضي ، وتسير 
تُعرج بالديار الحزينة 
وتحط في قلبي المفتون 
تلملم شظايا وطنٍ مبتور
تناثر حقلاًمن القمح
وتدفق في دمي نهراً من عشق ، ونور

الطريق إلى صدرك " شروقٌ عاصف "
يمر بأبواب المسجد الأقصة
يرفض أن يمنح الشمس طَلْقَ الولادة
معلناً فجر الإبادة 

بين العذاب و بين الغضب 
نما في الوطن جرحْ
وشب غابة دفئ ، و لظى 

قرب وجهك من وجهي لترى ..
أطفال الإنتفاضة
يربطون بطن الوطن بالحجارة 
فالبندقية .. خبزٌ وملحْ
وقوت الجياد في مَوْكِب النصر 
 "الماء و الملح "
سلاحاً فريد 
تقاتل به أيادي مكبلة بالحديد
معلنة فجر الفِدى 

عواصف يولد منها الصباح في النقب 
فيسيل الندى ، ويزحف كالليل
 يدند لأغوار البرتقال في حيفا ، و الشجرْ
لحناً شريد
و ينسل لون البحر 
يفرش الحقول بقصائد مشحونة بالخطر 
توزع على الجموع 
 ضلوعي حراباً 
و تستبدل تذاكر السفرْ 
 بالحجرْ

تدعوا للجهاد
في وقتٍ تناسل فيه البغاة 
و بيعت فيه البلادْ
بدعوى المفاوضات لاسترداد البلاد !

وهل يعقل 
بالسلام و الكلام يعود ما أخذ بالدم و البارود ؟؟!

*

يا دامي العيّنين ما انتهيت 
ولكن دعني أهاجر عن ناطرك قبل أن تغرق بدموع الأسف عيّناي 

الجمعة، مايو 23، 2014

✿ - البادي لكَ فرح ..



استعمر الفؤاد حُزنٌ باذخ 
و تغلغل في الأوصال وجعٌ مُترف
دونما جهدْ !

أسواري التي كانت أعتى من سور عكا "في وجه نابليون "
هوتْ 

في مكان لا مكان فيه 
الشوارع و البيوت .. تكلمتْ 
و النابض سكتْ !

صَدّقْ .. الدموع الخرساء بات لها صوتْ
و حكتْ .. حكاية 
يكسرها الغرام ، و دمعة الفرقى 
و قصائدْ .. من " الحنين " أنهكت !

البادي لكَ فَرَحْ 
كالغيث .. كالفجر .. الإشراق .. كالسُحب 
و الفضاء لا يتسع لهموم على ضلوع الصدر إتكتْ 

الأربعاء، مايو 14، 2014

✿ - ماذا جرى .. من ضن رسائل الحنين



ماذا جرى ؟
شئً في قلبكَ كان لي ، و اختفى 
أعلن هروبه من حياتي ، و اكتفى 

و قد كنت المُرتَكى 
الذي أفديه بروحي ، و الرؤى 

لو أنكَ ترى !
حلّ الخريف هُنا ، و قتلْ
قتلَ ريحان الدُنا 
و الحزن من القلب دَنا 

*

ماذا جرى ؟
حلماً كان لنا 
على عروشه هوى 

فَـ حلَّ الجفا

هل تُراكَ
 تعود أم أنكَ باعدت الخُطى ؟

أو رُبما 

رُحتَ تجلبُ الورود " للقائنا "
و لأن الخريف بيننا
تأخر موسم الورود ، و المسا 

*

ماذا جرى ؟
الوسواس الخناس وحيٌّ بيننا 
يغرس في القلب الكدرَ
و يتعب الروح في النوى 

 أناجيك فَيردُ الصَدى 
من تناجي لا يسمع النِدا 

حتماً نسى 
و ذكراكِ طواها الردى 

*

ماذا جرى ؟
شئً في قلبكَ كان لي ، و اختفى 
أعلن هروبه من حياتي ، و اكتفى 

فَما كل هذا الجفا ، و إلى متى ؟

*انتهى !

الجمعة، أبريل 04، 2014

✿ - عن شعوري في يوم ميلادي الخامس و العشرين ..


السلام عليكم و الأيـام تُؤرخ الأعوام
رداً على الجميلة دعاء مُحيسين كتبت هذه التدوينة

:



دعاء :- " دائماً ما أسألُ الناسَ في أيّام ميلاده كيف تشعرون؟
و لكن غالياً لا أحَد يخبرني .. ما شعور بلوغ الخامسة و العشرين ؟" 



ها هو عام جديد أطل عليّ ..
فَـ قبل 25 دورة للأرض حول الشمس ، و تحديداً في مثل هذا الليلة الربيعية - الرابعة من شهر نيسان - وضعتني الأقدار بسكينة بين يديّ أمي التي كانت تخوض معركتها الأولى مع المخاض  الأبنة البكر .. و الفرحة البكر المتجددة . 

في كل عام وفي مثل هذا اليوم كانت تقلب كفي بفرح - لا نظير له - ثم تبدء بـِعَدّ الأشياء الجميلة التي ستحدث لي مستقبلاً . من هُنا دعيني أحدثكِ عن شعوري .. بــِ هذه المناسبة التي تتكرر للمرة -الخامسة و العشرين- في عمري . الشعور عادي جداًفَهذا اليوم لا يختلف عن باقي الأيام . و لكن ما يَحثني لأن أظِهر البـِشْرَ و السرور ، آحلاماً ندية زرعتها والدتي في طفلتها (فكرةً )كغيمة مستقبلها غيث ، و إلا يا حبيبة ما من داعٍ للإبتهاج بمجئ هذا اليوم ، و هو علامة لدنو أجلي ،و اقتراب ملك الموت مني قليلاً لقبض روحي ..

السنة الماصية في ذات اليوم حدثتني نفسي و حدثتها ؛ متسائلة :- "ماذا جنيت ، و ماذا قدمت للعرض بين يدّي ربي جلّ و علا .. ؟! "

إن مرور عام و انقضاءه من عمر المرء آذان بدنو أجله ، وليست مناسبة للاحتفال ؛ لذلك تتجاذبني مشاعر الخوف من الله ، و يخالجني الحزن على ما اقترفت يداي من ذنوب ، و نفسي تذكرني بقول الحسن البصري :- " يا ابن أدم أنت أيام إذا ذهبت ذهب بعضك " 

*إن لم تكن الوقفة (الجادة،الفاصلة) في مثل هذه المناسبة متى تكون ؟

بيني و بين عمري الآتي مسافة طين ووشاية ، و صلاوات متتالية تتلوها دواخلي :
اللهم إجعل أعمارنا مديدة على طاعتك ‘ و ثبت قلوبنا سُبحانكَ إلى أن نلقاك بقلوبٍ سليمة من سيء الأقوال و الأعمال ؛ و أسألك اللهم وجوهٌ مسفرة ضاحكة مستبشرة .

و إن كنتِ تسألين عن الأرقام فهي بالنسبة لي ليست في الحسبان ، لأني على يقين أن طفولتي قادرة أنّ تعيش لألف عام .

الأربعاء، مارس 12، 2014

✿ - أخر رسائلي ..

لِـ أننا فِي الضِفّة الغَربيّة لا نَحْتَكِم عَلَى البَحرَ، وَ لأنني لَم أعثَر بَعد عَلى قَوَارِير الكَتْمَان الأبَدِي إلى الآنْ قَرَرتُ أن أدَون رَسَائلي هُنَا ، وَ ألقِي بِهَا فِي هَذَا البَحر الإلكتْرُنِي حُرُوفَاً كِيبُوردِيّة لَعَلَهَا تَصِل يَومَاً إلى مَوَانِئَهَا !

** 



نَّصْ الرِسَالَة :
في صدري مضغة ، وما في صدري ذبل ..
زهر القرنفل ذبل ..
حرف الألف مات خجل ..
و الحلم سافر إلى زحل ..

# كم تمنيت أن أسرد حكاية ، ولكني فقدت شهيتي عن الكلام بعد أن رُبِطت لزمان بالحجارة بطون الحنين ! /،،





جَارِي الإرسَال


السبت، يناير 18، 2014

✿ - أحبك بنصف قلب | قصة قصيرة .


ذات لقاء ..
بينما كان حديثنا يعيدنا إلى مواقع فقدناها ، ابتسمت ابتسامة خفيفة ، وقالت بانسحاق : " في زمان ما تحديتك أن جثث موتى الحب في القلب لا تتحلل . فقلت لي ' يوماً ستلاقين من ينتشل هذه الجثث و يلقي بها خارجاً و يسكن هو ، أو على الأقل سيكون هناك من سيدخل قلبكِ ويكون باستطاعته حصر تلك الجثث في ركن ويبني لهم مقبرة تضم رفاتهم ، و يسكن هو في الجزء المتبقي . تتحدثين الأن بلسان الوجع ليس إلا و الوقت مُسكن الأوجاع ! ' الوقت مضى و الوجع سَكن ،و لكن ليتك كنت الذي كان بوسعه أن ينتشل جثث الموتى من خافقي لا الذي شيد لهم القبور لتبقى نصباً تذكارية في شعابه تفوح منها رائحة الموت المقيته . لستُ بخير كما يبدو فأنا اتنفس برئة واحدة ،و أحب بنصف قلب ، و أحلم بنصف عقل ، نصف مني للحياة ، و نصف وهبته للوجع و الخيبات . أودّ أن أحبك بقلبي كله ، أودّ أن يكتمل نصف هذا الجنون المعربد بي . الحب كهل لم يعش شبابه أبداً ، أودّ أنّ أعيش طيشه و شبابه . " 

وما أن لمعت أحداقها مضت راكضة بأقصى سرعة تستطيعها ، ثم أرتمت تحت سنديانة تنتصب كقدر جائر ، قالت وهي تلهث : " كلما شعرت أن هذا اللعين قلبي يوشك أن يقفز حيث يثور بلارجعة باردة لا أجد حل إلا الركض و الركض حتى تنفذ طاقتي فلا يعد باستطاعتي التفكير بشئ غير التعب ، و لكن حتى و أنا منهكة القوى لدي رغبة ملحة أن أحرق العالم .. و أقف وقفة نيرون و أعزف على القيثارة ألحاناً مستوحاة من لهب النار ! " 

تمنيت آلا تهدء ثورتها ، و آلا تسكت أبداً ،و لكنها فجأة سكنت كما بدأت فجأة . ولم يكن لدي ما أقوله ، فخيم صمت دبق إلى أن حط عصفور على غصن السنديانة و راح يغرد لحناً عذب ، جذبها لتشاطره الغناء فراحت تغني : " أنت و أنا .. يا ريت نطير عَ جوانح عصافير نطير عَ مطارح ما فيها حدا خلف المدى .. ما في حدا خلف أخر صوت من أخر صدى ما في حدا و الشمس تحملنا و تغزلنا حرير .. ياريت فينا ننسرق عَ جناح شي ورقة عم بيطيرها الهوا سوا سوا سوا خصلة سما زرقة .. "

نظرت إلى وجهها الحزين و عينيها الذاهلتين لبرهة ، ثم قاطعت غناءها سائلاً : " هل نتزوج ؟ " عندها رفعت عينيها إليّ ، كانت نظراتها ترسل القشعريرة في بدني ، و كان في عينيها شيئاً لم أره من قبل ،هذا الشئ سمّرني إلى وجهها كأنني آراها لأول مرة ، و أقع في حبها للمرة الأولى . قالت و صوتها يرتد بداخلها فأسمع صداه كما لو أنها كيان مجوف : " ما الذي تعرفه أنت عن الزواج ، عن الحياة ، عن الحب ، عن كل شئ ؟ لعلك الآن تتخذ قراراً مصيري في ساعة اضطراب عقلي ! " 

صمتت قليلاً ثم أردفت بنبرة حادة : " من اخترع الكلام ؟ لقد أوصل الانسان إلى الحماقة ، و الحماقة تفسد كل شئ . أريد أن تفهم رغم أن الفهم مصيبة ! "

- يا عزيزتي تملئنا المآسي لأن صدورنا مغلقة عليها ، ولا بد أن نجري لها عملية جراحية تشق صدورنا لتنفتح على الحياة أكثر ، و تتسع للحب . أنتي تحبينني بنصف قلب اليوم و البقية تأتي بلا شك ، تزوجيني و أنا راضٍ بنصف القلب هذا ، و النصف المتبقي بكل تأكيد فراخنا ستشيد فيه قصور محبتها فوق الرفات التي تشتكين منها ! 

ابتست و هي تلقي نظرها على مد الأفق ، و قالت : " ماذا فعلت بي الآن أشعر بالحزن المستعمر بي يحمل نكهة حنان دافئ ! " 

فجأة التقت عيناي بيعينيها ، و لمحت بوادر سؤال حائر أجبت عليه دون أن أسمعه :

- ستكون الحياة أجمل ، دعينا نقامر من أجل حياة جديدة لا تصلب فيها قلوبنا .. صدقيني التجربة مغرية  و الثمن لا شئ ، اليوم نحمل موتى الحب في اعماقنا ، و غداً ننجب ما نستمر من أجله رغم المعاناة ، أو نموت .

- ما معنى هذا ؟

- اقبلي عرض الزواج ، إن ثماره ستكون الثورة التي تقتلع كل شئ راسخ في الركن المعتم في قلوبنا ، و تعيد خلقه من جديد .


ضحكت ، و كانت ضحكتها أروع من ألحان العالم قبل أن يلفنا الصمت ،ثمة كلمات لا نستطيع التفوه بها أحياناً ترقد في الصدور ملفوفة بهالة عظيمة من الكبرياء ، هي تقبل بذلك العرض ، هذا هو السر الذي افشته ضحكتها الصاخبة قبل قليل ، إذاً عليّ أن أبادر . قلت و أنا متردد و أشعر بشئ من الخجل : " متى موعد لقائي بوالديكِ ؟ " 

قالت بانشراح : " في أيّ وقت .. أحبك بنصف قلب و البقية تأتي ! " 

غمرتها بنظرة حنان و لهي ، و تمنيت بكل عمري أن أضمها إلى صدري ، شئ ما يقتلعني من جذوري لأحلق كفراشات الربيع ، ما أحلاها حبيبتي أجمل من شمس نيسان . 

- أحبكِ بعمري كله ! 



انتهت 

الخميس، ديسمبر 19، 2013

✿ - آلا تخشى عليّ كما أخاف عليك ؟



أستلقي فوق ذراعي كقصيدة مدللة 
تتوسد غيمة و تحتظنها السماء 
كل أوقات يومي من إشراقة الشمس حتى المساء 

لا تعاملني كسحابة أطهر من أن يمسك يدها رجل 

و اقترب ..

لأحلق على سبيل الصباح كحمامة 

*

آلا تخشى عليّ من الموت 
إذ ما تأخرت جرعة صوتك 
ومن الأفكار التي تقتات عليّ كوحشٍ ضاري 
ثم ترميني عِظاماً في نهاية يومي 
للفراغ و نوايا الليل الباردة 

كما أخاف عليك ؟؟!

أم أنك لا تدري أني صادقت الثُريّات بالواحدة 
كي يرقُبّنكَ .. و يراقِبّنكَ .. و يُحِطنَكَ 
فأحميك !

*
أحب فيك أنانيتك التي تدفعك لاحتكاري 
و جعلي بعيدة كل البعد عن كل شئ سواك 

و أحب الطفلة المشاكسة التي أصيرها 
إذْ ما وقعت عيني عليك

فلا تخشى عليّ من قيدك
و اخشى عليّ من بعدك 

لا حياة لي بعيداً عن يديك 

أريد أن أسمعك و أن أتنفسك 
و أن سرد عليكَ الحكايات بلهفة الأطفال 
و أن أقاطع إنشغالك في أمور الحياة كلها 
و إن كان لي منها نصيب الأسد
 بلهجتي الفلسطينة التي تستفز مسمعيّك :

 " حبيبي .. ممكن يعني لو سمحت تقلل من غيابك و تكثر من جيّاتك ! " 

السبت، ديسمبر 07، 2013

✿ - كانون .. سحابة افتقاد !




كانون هذه المرة على غير عادته القديمة ، لم يكن كثير الإلحاح على الجنوح صوب أيّ من بؤر الدفء ، فقد كنت أشعر بقلبي الواجف و كأنه يريد أن يخرج من بين ضلوعي  ليطير كسحابة تهطل فوقها حباً و سرور . ها هي تعود من جديد "صدفة " . يبدو و كأن الأقدار مُصرة ألا تعفينا من أي شئ حتى النهاية ، في لقاء وضع القدر له السيناريو و تكفل بإخراجه بما يمليه ، كلانا لا ندري ما ينتظرنا بعد هذا المشهد الذي يبدو عفوياً ، حميلاً ، و أبدياً .

أود أن أقول : " آيا حبيبة هواكِ تلتهمه رئتي غير مصدقة ، ولا ترغب أن تزفره أبداً يا عصية .."

سألت : "كم سهلة أنتِ ؟ " ، ولا زلت أسأل ، و لا ردّ إلا الردى . و تحت المطر الذي يستعرض مهارته في قرع كل ما هو ساكن و متحرك عمّ الصمت المكان كله ، فما لي إلا أن ألتفت إلى سماع صوتٍ يناديني ، إنهم أولاد خيالي جاءوا يحملونني برشاقة إلى عوالم الخيال . لم أتوقع أن أنساب بلا شعور إلى ما بعد الحلم ، بل إلى ما بعد بعد التَخيُّل .

لا أتذكر كلّ ما مَرّ منذ أول نظرة لي وقعت عليها ، كل ما أذكره الآن هو صوت الموسيقى التي رافقت إنبلاج صورتها في عيني مجدداً ، و نغماتها التي نقشت في نوتة القلب فمتى نبض عزفها لتعود صورتها ، و يعود الإشتياق يلوح في صدري لتلكَ الجميلة التي لا تعلم كيف تلفت إنتباهها ،ولا تعلم إن كانت تنظر إليك إم إلى من خلفك . فتتحول أوتار الكمان المرهفة -بقسوة أيما قسوة- إلى حبال تقبض عنق الأمل قبضة أخيرة ، فتموت الحكاية القديمة من جديد ، و يحيا وجعها من جديد .

لم يكن ذلك اليوم مواتٍ لأيّ شئ سوى الحنين لأزمان طويلة قادمة ، من خلاله تعيش في صدري دهراً ، و أعيش في صدرها عمراً ، لا هي لي ، ولا أنا لها ، ولا نهاية لنا !


- تُرى أيّ وسادةاحتظنت رأسكِ تكفكف دمعكِ في هذا الوقت البارد .. فكان لها شرف العناق ، و القرب ، و بماذا همستي في أذنها الطرشى قبل أن تنامي ، وهل لي في أحلامكِ نصيب ؟

الخميس، ديسمبر 05، 2013

✿ - [ الرِسَالَة العَاشِرة ]

لِـ أننا فِي الضِفّة الغَربيّة لا نَحْتَكِم عَلَى البَحرَ، وَ لأنني لَم أعثَر بَعد عَلى قَوَارِير الكَتْمَان الأبَدِي إلى الآنْ قَرَرتُ أن أدَون رَسَائلي هُنَا ، وَ ألقِي بِهَا فِي هَذَا البَحر الإلكتْرُنِي حُرُوفَاً كِيبُوردِيّة لَعَلَهَا تَصِل يَومَاً إلى مَوَانِئَهَا !

**





المُرسَل إلَيه : إلى وطني الذي خُلقتُ من ضِلعه الأعوج !


نَّصْ الرِسَالَة :
السلام عليك أوّل الأوطان .. و نهاية الإغتراب..


"سألوني من أنا لكَ ؟!

 أنا لكَ عناقيد الدمع المتدلية على أكتاف السُهُد
و أنا إبتسامة ظائشة تغازل سَهوك

أنا البومة الواقفة على غصون الحظ 
و أنا المجهول الذي يرسم قدرك دون أن تدري

أنا حبات الملح في عمق الجرح
و أنا الوجع

أنا وطن وطنك " وبيتك هُنا في داخل فؤادي "
و أنا بوابه الحُزن

أنا حبيبتك " حوائك " بعضك الذي يحتويك 
و أنا الشئ و ضده ؛ البعيد كساكن في المريخ و أقرب من ياقة قميصك إلى جيدك 

:

# سامحني فَ أنا من ضلع أعوج !/،،

*إنتهى !




جَارِي الإرسَال



السبت، نوفمبر 23، 2013

✿ - ليوم واحد فقط !


لدمي صوت .. شيءً ما يعلو صارخاً 
أحبك .. أحبك .. أحبك !

*
بكماء تخاطبك اليوم بلسان الدمع \ الضعف \ العجز \ الخجل !

إقترب 

كرجلٍ يأتي من أجل  أميرة أرهقتها السُهُدْ
لاحتوائها
يضمها إلى صدره .. يعيدها إلى وطنها 
يمَسْحِ على قلبها  
يكفكف دمعها 
يجبر كسرها 
يُطَبِبُ جرحها 
يطبطب على ضعفها
فتنام .. وهو يُهدهد على كتفها 

و من أجلها يرحل 
دون أنّ يأتي 
دون أنّ يتكرر 

كهذا الرجل ليوم واحد .. اقترب 

أرجوك إقترب جداً
جداً

ليوم واحد فقط !

أو اجتهد من أجل نداء يعلو في صدري 
الله ثم الرسول ، و أنت !


لدمي صوت .. و لدمعي صوت 
و أنت أصم 

فلا تنتظر من بكماء أنّ تقول : " إقترب ! "

السبت، نوفمبر 16، 2013

✿ - كأني سأموت غداً ..


كلما نبض قلبي تكرر صوتك في أذني 
و أنت تهمس ' أحبكِ كما لو أنكِ ستموتين غداً .. '

' أموت ! '

هذا ما أدعو به الله و أتمناه ليلاً و نهار 
الموت بكَ .. منكَ .. و فيكْ !

و يا ليتكَ تعلم كما تدعي أنك تعلم 
أني أحبكَ حَدّ الموتِ ، حَدّ الهّلاك .. و تَهلكَ !

و ليتكَ تعلم كما تدعي أنك تعلم 
أني أحبك حَدّ الفرح ، حَدّ السرور و الجنون !

ليت مشاعري لا تتوه ..
ليتها تصلكَ بأقصر طريق دون أن ترهقها السُبل 

ليتها تصلك على قدميها لا زحفاً 
قبل أن تبتر المشقة أطرافها 

ليتك تبصرها على حقيقتها 
ولا ترى فيها العاهات التي جنتها مع الزمن 

ليت .. وليت .. وليت !

ولكن كيف ؟؟
وهي عاجزة تقودها إليكَ بنات أفكاري المشفقات 
على كرسي من ضعف 

أبوح بها وكأني أودع الحياة
و كأني سأموت غداً 
ويا ليتني أموت \ لتصدقني حين أقول : " بمووووووت فيك "


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites