الجمعة، مارس 30، 2012

✿ - وجــع المنفى \ قصة قصيرة ؛



السلام عليكم و الأيــام تؤرخ الأعــوام ..
السلام على صابرة اسمها " هناء " أمست أيامها في أحشاء الظلمة كلها عناء 
السلام على رجال رحلوا و علموا موت الرجال 
السلام على الدماء تخصب وجه فلسطين ..


:

* لسلسةمعطف من القيود ..


منذ صغره و هو يستمع لحكايات جدته العجوز العاجزة عن الفرح لحدادها الدائم المتتالي على ابناء و اخوة يعشقون الموت و لا يحسنون عمل شئ في الحياة بقدر الشهادة !

قصص كانت تقصها عليه سريعاً ، و أحياناً بتمهل و تركيز ، فبقية عالقة في ذهنه لفطارتها و ربما لصدقها . واحدة تحدثت عن رحيل جماعي لشعب تواطأ البشر على تهجيره جبراً عن أرضه أو قصراً الى أقاصي الكون ليسكنها شعب بلا وطن ، و أخرى عن حق طمس و تشوهة ملامحه في زمن عمليات التجميل بحيث لا يمكن اثباته أو نفيه .

و بعد سنوات عديدة .. ما زال يحتضن ذاكرة ذلك الطفل التي تتساقط رويداً ولا تمنحهُ إلا الألم كمحاولة منه للاحتفاظ بوطن توارى وراء سُحب الغربة و ضباب المسافات البعيدة .

و ذات صباح ترك بيتهُ دون أن يدرك أن يومهُ سيختلف عن أيامه العادية الرتيبة ، و بينما هو يتسكع في زقاق مخيمه يتأمل جدرانه المنهكة ، و التي تقيد جموح روحه القلقة غرق في حلم يقضة أخذه للمشي في شوارع القدس ، و حلم بوطن لا تحجزه عنه حدود و لا جنود ، بلا حواجز أو معابر !
و دموع الشوق تبلل أهات ذاته التي تبحث عن هوية مفقودة ، تاهت في قهقهات نشوة الإنتصار الكاذب التي تدوي داخل فؤاده تنعى نفس الوطن على قارعة تاريخ مشبوه بصوت قصيدة متسولة .

و ظلّ يسير في درب أعصابه حتى ضاعت نبرة كلماته دون جرعة ماء تطفئ ظمأ أحـــــلام لا تعرف الوسن حتى كَلّت أقدامهُ المسير ، و توقف فجأة و نظر إلى الخلف ، و شاهد عربات اللجوء إلى غربة عرمرمية في أبناء شعبه تُلقي بهم خارج خارطة وطن أمسى عليهم عصيّ المنال ؛ لم يدهشهُ المنظر كثيراً ، لكنهُ استلهم كلمات موال رائع لِـ سعدون جابر :-

إليّ مضيع ذهب بسوق الذهب يلقاه  
و إليّ مضيع محب بتمر سنه و ينساه  
و إليّ مضيع وطن و ين الوطن يلقااااه ؟؟

و في هذا اليوم حوّل تسكعهُ في زقاق المخيم إلى مسير طويل و شاق باتجاه البحث عن فكرة ملموسة  تبلور الوطن . 

كنت أراقبهُ و هو يتسلل إلى الأصوات الغاضبة الناقمة في صمت ، كان يرتدي نفس المعطف الذي رأيتهُ به منذ أشهر يتلفحهُ و كأنهُ يتلفح السماء بكواكبها و نيازكها الحارقة .

ظللتُ منجذباً إليه أقرأ سطور أوجاعه المتدلية على منكبيه و  هي تتهاوى بداخله حدّ الوجع الصارخ ؛ و رائحة التعب تفوح منه بينما هو يتكئ على أحداث تاريخٍ موبوء ! 

و بينما كنتُ أتأمل هدوئهُ المفتعل خرج من صومعة أفكاره ، فسرت خلفهُ أتبعهُ على طول رحلتهُ أجمع من وراءه الصور الكثيرة التي رسمها للوطن حتى وصل إلى كلمة من ست حروفٍ في حكاية صلاح الدين و نصر حطين !

إنها فلسطين ..

جعلته هذه الكلمة سعيداً لبرهةٍ من ثمة إبتسم إبتسامة حزينة ، و إستفاق من إغفاءة تاريخ غابر ليجد نفسهُ مضجعاً نقطة دمِ في أخر سطر من تلك الحكاية خاتماً زمن البطولات ، و الوطن هشمتهُ رياح جرفتهُ خلف جدار اسمنتي ، و تركت أكثر من ست عقودٍ من حلم العودة المشنوق بحبال الألم ، لما ضاعت حكمة الأمل بين براثين محتلٍ غاشم و أخوة لا يحسنون إلا الخذلان ، و صوت الحق كممتهُ المصالح الدولية و العلاقات الدبلوماسية و اتفاقيات السلام .

تشابكت خيوط هشة من بصيص النور كما امتلئت المقلُ بدموع سالت ترسم خطوطاً متعرجة على شكل كذبة معتقه اسمها فلسطين تمزقت على شفاه حاضرنا و قادتنا إلى الوحل ! 

و على سكون عمياء فوق حرفٍ صادق فر من ابجديات الشعارات المنمقة ، و قصائد المديح الكاذب في زعامات ابلاستيكية خلع معطفهُ و هرول باتجاه أرض مسكونة بالحلم و الأمل عازماً أن يستأجر لنفسه وطن ، و ترهلات الغربة و تجاعيدها من ورائه تروي حكاية مرتبكة لغريب شعر بالغربة و هو في رحم عروبته و حين خرج إلى الدنيا غادرته و تركتهُ يداعب البنادق و الرصاص بصدر عاري لا تغطيه إلا أسمال بالية من جمرات التأمر و الخيانة ؛ يئن الحرية الشريدة و المطاردة مثله في عالم يستر عوراتهُ بالزنزانة أو المنفى ، و مع هذا ظلّ يغني :- 

لا تقل لي :
ليتني بائع حبر في الجزائر 
لأغني مع ثائر !

لا تقل لي :
ليتني راعي مواشٍ في اليمن 
لأغني لإنتفاضات الزمن 

لا تقل لي :
ليتني عامل مقهى في هافانا 
لأغني لإنتصارات الحزانى 

لا تقل لي :
ليتني أعمل في أسوان حمالاً صغيراً
لأغني للصخور 

يا صديقي لن يصب النيل في الفولجا 
ولا الكونغو و لا الأردن في نهر الفرات 
كل نهر و له نبع .. و مجرى .. و حياة 

يا صديقي أرضنا ليست بعاقر 
كل أرض و لها ميلادها 
كل فجر و له موعد ثائر !  *محمود درويش





الأحد، مارس 25، 2012

✿ - كِذّبـِة نِيسـآن \ قصة قصيرة ؛


بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمـة الله وبركاتـه





دوما قصص الحب دون سواها من القصص تَفْتَعِلُ بدايتها " الصدفة " ، و كأن القدر يضع القلوب على مقربة من بعضها البعض كي تبتدء ساعات الانتظار الموجع !
و تتكاثر المواعيد ، و لحظاتُ الترقب ليستمر المسير على دروب الهوى إلى نهاية الطريق مبهم النهاية ، و غالباً ما تكون سحابة مثقلة بالخيبات .
و قصتي ان صح تسميتها بقصة تعتبر غضة بحجم السماء اجتاحت حدود ذاكرتي و باتت تجثو في مخيلتي لتطبع في ذاكرتي بقايا حبٍّ قديم بدء بصدفة ، و صدق من قال :- " رُبَّ صدفةٍ خير من ألف ميعاد " 

في ذلك الوقت حملتُ أمتعتي و جواز السفر، و قررتُ السفر حيث صقيع الأرض فراراً من حياة صعبة بما يكفي كي نموت ، و مدينة تعج بالخراب ، و وطن مبتلي بعدو كافر ، و قلوبٍ شلت ارادتها بنادق عوجاء سكنت صدور جيوشهُ الهوجاء ، و كثيرة هي الاشياء التي اجبرتني على الفرار الى خارج خارطة الوطن . 

و بينما لا أزال في المطار أنفض عن نفسي غُبار ذاكرة قفراء من الفرح قبل دخولي المدن الجديدة ، رأيتها تقف أمامي حسناء تحمل وجهاً طفولياً يطرز الجمال على مساحته ملامحها الساحرة مستخدماً الخيط الوردي المغري ، و خيطاً أخرمن بريق النشوة في ضفيرة تنسدل على كتفها ليطفي عليها أنوثة طاغية احترفت سلب الألباب حيثُ تعلق في الذاكرة لما بقي من العمر .

مرت في حياتي لثانية كنسمة صيفٍّ تاركةً لي بعضاً من سحر تلك اللحظة ، و معها رشة من عطر الحب الزاكي الذي توهج في قلبي من النظرة الأولى .
كانت تفتش عن شئ ما في حقيبتها ، و عيناها معلقتان في وجهي ، أو هكذا اعتقدت ، و إذ بشئ صغير يسقط من حقيبتها تدحرج ، و استقر بالقرب من قدمي ، انحنيت لأخذه ، و مع انحنائي انحنت هي الأخرى لتمتد تلك اليدين الصغيرتين في نفس الوقت الى هذا الشئ الصغير ؛ نظرتُ بانبهار الى تلك العينين الجميلتين ، و لم اعرف بعدها كم مضى من الوقت في انحنائنا سوياً ، و لا في النظر في صمت الى عينيها ، بينما هي تتأمل تضاريس الآرق في عينيّ ، حال بيني و بينها ضجيج مدٍ و جزر ، و خط سير معكوس الاتجاه ، حاولت لملمت شتات نفسها و زفرات خجل وشمت فوق محياها ، و بصمت كترنيمة يتيمة وقفت أرقب التفاتتها الأخيرة التي كسرت خط سيرها المستقيم لتضطرب في نفسي أمواج الخوف و القلق ، و هي تهم بركوب عربة تبعدها عن ناظري .

حاولت أن أستوقفها ، ركضتُ خلفها كمجنون أسابق المسافات الطويلة ، و هي تلوح لي بكفيها من خلف الزجاج حتى استحالت العربة إلى نقطة صغيرة على مدى البصر .

هي صدفة مجنونة حولت مجاري حياتي من سبيل معلوم الإتجاه إلى ضياع ، جعلتني تلك العيون الساحرة أن أقلع عن السفر ، و أعود لأبحث عنها خلف تعرجات خطوط خارطة وطن تجمعنا حدوده ، سلبتني اللب و القلب بنظرة ، ولا أدري كيف جرى ما جرى .

و صدفة أخرى جمعتني بها بينما كنتُ أتسكع في صخب غربتي عنها ، فإذ بها تمر من أمامي ، كنتُ أعلم أن اليوم الذي سألقاها فيه سيأتي بعد غياب كل أمس .

كم وددت أن ألفت انتباهها ، لم أكن قريباً منها لكنني كنتُ أراها بوضوح ، اتجهت إليها بسرعة ، و سألتها :- " كيف حالك ؟ " 
لم تجبني ، و استنكرت سؤالي ، و ألف علامة تعجب رسمت على وجهها ، 
و ببرأة سألت :- " من تكون يا أخي ؟؟ هل هناك سابق معرفة ؟؟ "
تسمرتُ أمام سؤالها ، ولم أعرف بماذا أجيب ، أثرتُ الذهاب هرولة من أن أبقى في هذا الموقف ، و لا أدري كيف عدلتُ عن رأيي ، أخذت بيدها نحو أول مقعد صادفني ، و أجلستها ، و جلستُ بجوارها أخبرها بحكايتي معها ، و منذ ذلك الوقت زادت العلاقة بيننا حيث بدأنا نعتاد اللقاء بصورة مستمرة ، و بدأت أعرف عنها الكثير ، و تعرف عني الأكثر ، كنا نسير في دروبنا التي حفظتنا أكثر مما حفظناها ، نتحدثُ عن ذواتنا و ذوينا عن ترابٍ نحنُ منه و إليه ، و عن غربة تسكن خواء أرواحنا ، و لطالما أخبرتها أنها اغتالت بحضورها غربتي ، و أني سأكون لها الأم و الأب و الوطن .
و في إحدى المرات و دون شعور مني مددتُ ذراعيّ ، و احتويتها كما لم أشعر كيف سحبت نفسها من بين ذراعي ببطئ مميت ، و أنا طوع رغبتها أفلتها ، و ابتعدتُ عنها قليلاً ، ثم بصوتٍ مخنوق بالعبرات قلت لها :- " هل تعلمين أني أحبكِ " 
ضحكت و تجلجلت ، فاجئتني ضحكتها ، ولم تكتفي بهذا القدر بل أتبعتها بعبارة 
" أكيييييييييييد هذه كذبة نيسان " ، و كانت هذه الأنثى الملائكية في حياتي بمثابة كذبة ولدة و ماتت في الأول من نيسان !
لم يكن صدفة أن أبكي ، و أنزف دمعاً غزيراً على ردها ، فقد عضتني بناب إجحافها في قلبي ،  و الوجع في الأحشاء أبكيها بكاء طفل فارق أمه ، و ما حيلتي غير البكاء !
تركتُ المكان بصمت أجر أذيال خيبتي ، و مع هذا كنتُ أنتظر منها أن تخبرني بأي شئ لكنها لم تفعل ، فنسيتُ كل شئ ، و لم يبقى منها إلا غصة تسكن نابضي مكانها سراديب الذاكرة التي حجزتها لنفسها مع اول نظرة .


- النهاية
حنين نضال \ حنين أدم

 

الاثنين، مارس 12، 2012

✿ - مرثية وطن





يا وطن كااان وكااااان
صوت الفجر يجلي العتمه بصوت الاذان
و ريحة الطابون مع الليمون و صباح الخير من ثم " إمي "
و أهازيج و أغاني و زقزقة العصافير معبية البساتين 
اعتابا و ميجنا 
و حنجرة فلاح تصدح عزة 
و مجد نبت مع كل غرس 
و كوفية بيضا تلفح زريف الطول 
ما خطرله ابد انها بيوم رح تصير له كفن 
لما عشق تراب
 " وطن " 
صغر و صغر و ما بقيله منه ولا حتى قبر !
إيـــــه يا وطن لبس الوسواس شال 
و تصدر للعالم " صورة عن ذبيحة قابيل "
في زمن الكذب و التبجيل 
اجى الوقت يا هم جوى الصدر مكنون
لاكتب فيك " مرثية "
و انا الي كنت فيك اكتب شعر 
اسهر ليلي و ليل الاسى طول 
و النوم عيّـا و الحلم صار خطية !
من غير جديد و لا شي بالايد 
ما في غير اصبر حالي ويّـا غير .. " بتهووون " 
لما القلوب في حبك رقصت مذبوحة 
تكتبلك بالدم وفــــا 
و الرصاص في سماك صار نشيد الصبح و المسى 
و صغارك شايله ع كفوفها علم 
تهتف " بالروح نفديك يا وطن " 
و بقصد او من غير
 ضعت منهم ع الخارطه 
و وقعت صفحة من كتاب التاريخ و تاهت !
طلع علينا أبطال " النصر المهزوم " 
في زمن التهليل 
قال شو 
" وانت تخوض حروبك . . فكر بغيرك من يطلبون السلام *
أأأأأأأأأأخ يا وطن بدل اقلام الطلاب بالدف و الطبل 
ايش بلاك ؟؟
عم بدور ع " ابو بكر " في زمن " مسيلمة الكذاب " .. !
و تتلفت فكرك تلفى " الناصر " أو " الفاروق " 
سيبك من الماضي .. " قطز " مات
و الباقي منه مزيوف 
و من قلة النخوة في زمانك طري نصل السيف 
و الراية الي كانت و كانت صارت بالاراضي .. مهزومة !
ما بعرف شو الي جراى لولادك يا وطن 
ضعفت شوكتهم و ما عاد عليهم مرتكن !
شتت شملهم ثعلب الاحزاب 
و عادي هدفه " فرق تسد "
علم الاسد " غفلة الضبي "
و شعب حطين باع القضية و اشترى الطرب 
غزة تولع و تشتعل نار و سوريا تنحرق بكاز 
ولا دمعة فرفور حلمه " لقب " محبوب العرب !

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites