الخميس، أكتوبر 11، 2012

✿ - وجع الحنين ..






للحنين..
 فقاعة وجع خرساء

تنبثق من ومض دمعة 
تفجر نهراً أحمر 
يسري في عروقي دماً رعاشاً 
يبلل أرجل الأنين 
و هدباً حزين
إذ ما مرّ طيفك من أمامي 

يُسَائل عن نجمة عمياء 
تمسحت بأهداب عينيك 
و غفت على صدر غيمة تدلت من ظفائر 
الحكايات الناعسة 

عندما استطالت على حقول اليانسين 
فصول الياسمين 
ونامت عقارب ساعتي في غفلة عن الزمان

و اللقاء يا سيدي أمنية فرت مني 
ورست عالياً 

لقد تعبت الوصول إليها
 كما تعب الفاتحين من الإقتتال 
في سبيل دخول 
موانئ جديدة 
وهم يحملون رايات نصرهم 
و يسيرون باتجاه مدن العاصين 
عبر مسارات الزجاج المدببه 

 إني أشتهي صوتك 
 و  هو ينبعث من بين صخور حلقك المهدبة 
كسنفونية دامسة 
ترافق تتابع الليل و النهار 

تشهد على ولادة قصيدة 
  جَمّعتُ حروفها من على شاطئ بحرك المهذب  
و صنعت منها قلادة تزين قلبي الملتاع بالصدف المذهب

و تناسل السؤال من فاه اللهفة 
أين أذهب ؟؟
لأذهب و أضرب سذاجتي بسوط الملوك !

المسافات ترفع حكايتنا 
خاطرة للهباء 
هواجس مزركشة بهموم المطر 
 تذرها الرياح في الهواء 

و نوارس حزني صارت تبني لنا بيتاً من سراب 
تاهت إليه المسرّات  
في بياضٍ خادع وصل البداية بالنهاية 

وراحت تبكي البكاء و تنوح 
وهي تنسج فستان فرحي 
أمام مجمرة التمني

و أنا لست سوى عاشقة هنا تنتظر
ما فر مني  
حيث يدُّ العمر تسطو على صباحاتي 
و تسرق ما أعد لحبنا من قوت الحياة 
على طبق من فضة أو سنديان 
تجره عربات النسيان 

أيها النسيان 
أخرج من شرنقتك 

أيها النسيان 
استمع لصوت المواعيد ينتحب 
و تضاريس وسادتي تشتكي كثرة المناديل ! 

أيها النسيان إلتمع 
لأراك في ظلمتي نور القناديل 
شرارة حريقي الباكي في زحمة المقادير
على مقبرة لا صحوة بعدها و لا جنة للعاشقين 
تشيع طرحة بيضاء تكفنت 
و تجهزت لتدفن في ضلع أدم 

أيها النسيان تكلم .. قُلّ :
- لا مواعيد بعد اليوم .

علّي أسمع خطوات تراجع الوقت الهزيل 
أو صمت الكلام ، و أقتنع !

الأحد، أكتوبر 07، 2012

✿ - `ذات خريف | قصة قصيرة .






ذات صباح خريفي أطل من نافذة شيخوخته إلى العالم الخارجي متخفِّفاً من مرارة المرض ليستمتع بتلك النّسمات الباردة ، و بينما ركوة القهوة تُعلن الغَليّـان اتخذ قرارهُ بالخروج ، ودع عجوزه بقبل شبابية و عَبَرَ الممر الترابي الذي تحفهُ من الجهتين أوراق الشجر المتساقطة ، وهو يستنشق رائحة ما بعد المطر ، جلس على صخرة يتفيؤ بغيمة جميلة تحميهُ بحنان من لسعات أشعة الشمس ، ومن تحت أجفانه المنتفخة ظلّ يراقب تلك الغيمة و هي تتمدد مزهوة ، و تلك النّسمات المنعشة تداعِب ذاكرته  الهرمة ، و تدفعهُ لاستعادة ربيعه سريعاً فراحت أوراق العمر تتساقط  أمامه الواحدة تلوة الأخرى . 

امتدت يدهُ إلى ورقة حطت على سطح كفه الرجفى ، و أخذ يتأملها فيما كانت مخيلته ممتلئة عن آخرها بصور سوداء تعج بالتفاصيل ، راح يتمنى لو كان لذاكرة خريف تتجرد فيه من الذكريات المؤلمة و الأوجاع فيغشاها الشتاء فتزهر بربيع من الفرح و السرور طمعاً في التعاليل . ضمّ يده المعروقة محاولاً تهشيم تلك الورقة ، لكنها صمدت ولم تتكسر كأنها تعلم أنه لا يستطيع تهشيمها أو قتلها ، و فيما كلُّ الأشجار من حولهُ عارية ، ومن كان لا بدّ لها من فراق أوراقها شاطرته سقوط صفحات ماضيه  المفرحة و الحزينة إلى أن أشفق عليه نهاره الخريفي ، و راح يطبطب عليه و أهداهُ لوحة نارية رائعة قبل الغياب أبهجت قلبهُ و مسحت دمعة مكبوته كسرت حواجز الصمت و تكلمت ، فحملت شهقتها الطيور العابرة ؛ فقد انسكبت ألوان المغيب عليه سحراً و دفئاً و بهجة ، و كان لزخات المطر المتدفق من غيمة حانية أيضاً بعض الفضل و الجمال ، و للأشجار المتزينة بالأصفر و الأحمر ذاك الجلال .

أخذ نفساً عميقاً ، و راح يقول بقوة و ثقة : 
- رائع و ساحر أنت أيه الخريف .

جمع أطراف جسده المتباعدة ممسكاً بعصاه وهو يهتز من رأسه حتى أخمص قدميه عازماً العودة إلى منزله الفخم الذي أفنى ربيع حياته في تشييده ، فتدحرجت دمعة ساخنة فوق أخاديد الزمان التي تركتها سنينهُ العجاف على وجهه الذي مازال يحتفظ بملامح وسامته التي كان يتمز بها حتى خانه خريف العمر و سقطت أوراقه البخيلة ، و أرت به عجوزاً هزيل أنهكهُ السلاطان اللعين و قضى على ما أبقتهُ الزمان من قوة شبابه  .

مسح دمعته و هو يغتال غصة وقفت كالشوكة في حلقه ، و تهيأ للقاء شريكة حياته التي ما زال يراها بعيون الماضي - أجمل نساء الأرض - و تصنع القوة و النشاط  وهو يستقبل وجهها بابتسامة تُشعرها أنه لازال بخير ، و ما زال في العمر متسع لمزيد من المداعبه ، و الغزل .

- أحبكِ يا أجمل نساء الأرض !


- النهاية .

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites