الأربعاء، أغسطس 10، 2011

✿ - 1 - ،، أميرة في الحب و الحرب . . !








 كانت تطاردهُ في طفولتها ، و كان يشاركها اللعب و يدافع عنها ، على الرغم من أنها بنت و تصغره بــ أربع أعوام .


هو أبن لأسرة بسيطة أقل من متوسطة ، بصعوبة استطاع اكمال دراستهُ الجامعية ، و حصل على بكلوريس محاسبة ، بالكاد أوصلتهُ شهادته ُ إلى العمل في احدى الوزرات ، و جلس على مقعد بمكتب مهمل لا يسأل فيه أحد . 


و هي إبنة لأسرة ذات حسب ، و نسب  ، و مال ، و في الجمال لها باعٌ طويل  أميرة الإسم و الرسم ، و حيدة أبويها على أربع ِ أولاد ، دلوعة ، و تحصل على كل ما تريد ( طلباتها تنفذ في الحال ، و أحلامها أوامر، و أمنياتها ملك يديها ) فهي البنت الوحيدة التي لا يقول لها أحد لا أبدا ً ، شقية ، و سلسة اللسان ، تملأ من ينظر إليها بهاءً و روعة ، توزع السعادة و تنثر بذورها أينما حلت أو رحلت ، و مع ذلك تمتلك خلاصة العقل و الحكمة ، تتمتع ببصيرة و رؤية في تصرفاتها دون طيش ، تراها تراها ترتدي أفخر الثياب ، و تنسق أجمل الألوان ، أنيقة دون إصراف ، رشيقة كالغزال تقتدي بغصن البان ، باختصار قل عن بهاءها ما تريد .


و حال دخولها الجامعة تفوقت و تميزت ، و إلتف حولها الطلاب لجمالها و أنوثتها الطاغية ، فابتعدت عن صديق طفولتها رويدا ً رويدا ً ، فشعر كلهما بذلك ، هو سخنت رأسه ُ و ثارت أفكارهُ ، و ذات مرة بينما هي عائدة من جامعتها  داهمها ، و صارحها بحبه لها و هيامهُ فيها . 


أصابها العضال من وَهل ِ صدمتها  بما سمعت منه ُ ، على الرغم من أنهما في الصغر تبادلا الحوار في كل شئ ، المشاكل الأسرية ، و الأحوال المادية ، حتى الأسرار و الحب أيضا ً ، و ما يصوبه ُ من سهام نحو القلوب ، حتى تنزف شوقا ً و رغبة في الحبيب إلا أنه لم يحدث أن باح لها بأي حب ،  و هذا ما صدمها و ألجم لسانها ، لكنها في ذات الوقت حمدت ربنا في سرها أن و فر عليها مشقة التحايل في طريقها لإعلان حبها لهُ ؛ ابتسمت في وجهه و لم تنطق بكلمة ، بينما الرضا كان يلوح على تقاسيم وجهها الجميل ، فكان أكثر سعادة منها . 


ما أجمل الحب حين يفرد شراعه ُ ليبحر في عالم الروعة ، ليجمع بين شتات قلبين جمعتهما الطفولة حبا ً في الصبا . 


فيصبحا شيئا ً جميلا ً يلفهما سياجه ُ فيكونا بستانا ً ، و احدا ً يثمر أحلاما ً بريئة ، يكتبان على صفحات الدنيا حكايتهم ، و يلونا مساحاتها البيضاء بأزهى الألوان ، و ينقشا عليها أسماء أطفالهم ، و طموحاتهم ، و تطلعاتهم بــ بيتٍ و عائلةٍ  و أطفال . 

و رويدا ً رويداً ابن العائلة البسيطة يتبدل حالهُ ، بعدما اختلط بأكابر الناس و صغارهم في عالم الموظفين الذي هام فيه ، غنيهم و فقيرهم ، سيدهم و صعلوكهم ، توسعت علاقاتهُ ، وزادت معارفه ُ ، و لم تعد الوظيفة الحكومية التي تتفنن لوائحها في إذلال أصحابها وقروشها القليلة ترضي أحلامهُ في الثراء  ، و سعى لفرصة السفر إلى إحدى بلدان الخليج ، فجرى إلى الخارج ، وسافر و مكث سنين ، طال الغيابهُ و طال إنتظارها ، و ظلت وراءهً تعاني القلق و الخوف ، ليس لمرض أصابها أو علة حلت بها ، بل لهيب الشوق يحرقها ، و البعد و الفراق يؤريقان ليلها .


 و في احد الأيام سمعت من إحدى قريباته التي كانت تزورهم في البيت ، أنهُ تزوج من فتاة بلا أصل و لا فصل ، مجهولة النسب ، يقال أنها من أصول سورية ، حاملة للجنسية الأمريكية . وقع اخبر عليها نارا ً حامية ، تكوي القلوب و العيون ، حبست دمعاتها في محجر مدافعها و لملمت نارها أمام قريبته و أمها ، و لم تبدي شيئا ً من لهيبها الذي يكوي أحشائها ، و حاولت أن تحتمل و تستقوي لتبدي فرحها لخبر زواج صديق طفولتها .

دارت الأيام على المحبوبة ذات الجسم الرشيق ، إذ كانت وردة في ربيع هادئ ، تطل من عينيها لمعة حادة ، بريقها يسحر الناظرين ، جميلة تتربع بخفة ظلها و أنوثتها الطاغية على عرش القلوب ، و تبدل حالها ، و مرضت مرضا ً شديدا ً ، ذبلت بعدهُ و لاجت في دنياها هائمة على وجهها ، حزينة ، شاردة الذهن ، ساهية الذكر ، تائهة الفكر ، تتلعثم إذا تكلمت و تتعثر إذا خطت ، تتخبط في مشيتها كمن أصابهُ مس من الجن ، تنظر لمن حولها ببصر زائغ و كأنما جاءتها سَكرتُ الموت . . !

ودون أن تشعر وافقت على الزواج من أول شخص تقدم لخطبتها ، كأنها تريد أن تنتقم بنفس الطريقة !!


سأل الشيخ :- ’’ هل تقبلين بـ ِ أسامة زوجا ً لكِ ؟ ‘‘ 
" أجبته ُ بصوت متحشرج مسلوب الارادة .. ’’ نعم ‘‘ "

و بـِ هذه البساطة تحولت زوجة شخص لم أره في حياتي الا مرتين ، ما أن رفع الشيخ منديله . . !
 

و بعد أن انهالت عليّ الأحضان المهنئة و المباركة ، خرجوا جميعا ً و بقيت ُ أنا وهذا الرجل الغريب الذي أشار إليه أبي قبل خروجه ببنانه قائلا ً:- " من هذه اللحظة هذا الرجل أصبح زوجكي . . ! " حبيسان في غرفة موصدة الشبابيك و الباب . 

يا أيها الناس . . ! 
                      افتحوا الباب . . . ! 

آلام حادة جدا ً تعتصر معدتي . . !

كنت جالسة بجوار زوجي المزعوم هذا ، على نفس المقعد ، قدماي كانتا ترتجفان و يداي ترتعشان ، ساجدةً عيني ّ على الأرض ، هكذا بقيتُ إلى ما شاء الله . رغما ً عن ذلك استطعت أن أرى هذا الشئ الجالس بجواري ، يتحرك ، يقف ، يقترب مني ، يتمتم ، يمد يده . . فيختطف يدي المسجاة في حظن يدي الاخرى مني . . ! 

يدي الأن أصبحت في يد رجل ٍ غريب . . ! 

يا إلهي أكاد أنصهر خجلا ً . . !

هناك قبلة طارت ، و رست فوق كفي المخطوفة ، لكن كيف . . . لست ُ أدري ! 

اعتقد أنه أشار لي بالجلوس ، بعد أن أخذ باقة الورد المسجاة على الطاولة و غرسها في أحضان يدي الأخرى .. !
سحبت يدي العالقة بـ يديه بقوه و جلست ، و عليه دخلتُ في سبات ٍ عميق . . !

مر الوقت ، و أنا لا أجرء على الكلام أو رفع نظري إليه من وهل خجلي

و لا يزال الباب موصد !

يا ناس . . افتحوا الباب . . !

سأل الأخ :- " ما بك ِ ، هل أنتي خائفة مني أم ماذا ؟ " 

ماذا عساني أجيب . . ؟ لا أعرف ماذا أقول . . ! 

" انه ُ الحياءُ الذي لا بد منه ُ . . ! " 

" هذه سيزول مع الوقت ، لا عليكي . . فيما بعد سنعتاد على بعضنا البعض .. ولكن ارجوكي تخلي عن حيائك قليلا ً و حدثيني عنك نفسك قليلا ً ! " 

كنا في فصل الشتاء حينها ، كان الجو باردا ً جدا ً إلا أني كنت أتصبب عرقا ً من شدت خجلي ، أوشكت على الانصهار . .!


حاول بدوره التحدث .. التعريف عن نفسه ، اهتماماته ، دراسته ، مدرسته ، زملاء المدرسة ، اصدقاؤه ، علاقاته بالناس ... الخ 


لم يكن يثير اهتمامي ما يقول بقدر كيفية القول . . !

كنت أراقب طريقته في الكلام و حركاته ، كان غريبا ً مريبا ً ، يا ليته لم يتفوه بأي كلمة لكان أفضل !

كلامه مبعثر و غير مفهوم ، يأتي من كل قطر ٍ بأغنية ! 

و مذ باشر بالحديث و أنا أشعر بنفور منه ، تمنيت ُ لو يخرج على الفور !

كان ممل و شعرت بالنعاس و كدت أتثاءب !


حالما هم الأخ بالرحيل كأخر ضيف ٍ يرحل هذه الليلة من بيتنا .. عادت روحي الى ضلوعي ، فرحت كثيرا ً . . . أوووووووووه و أخيرا ً . . !

بعدما رحل عدت لغرفتي و سريري و طبيعتي !

في الحال بدأت الأفكار تتوارد على خاطري ، شعرت بضيق في صدري ، أنا لم أرتح لهذا المخلوق قط !
ليس وسيما ً بالقدر الذي تمنيت و لم يكن كما توقعته ، أنه ليس كأيٍّ من فرسان الأحلام الذين تخيلتهم في حياتي !

هل حقا ً هذا زوجي ؟

مما دفعني لأن أسرح بحزن على ما فعلته بنفسي ..!

مرت الأيام حتى جاءت اللحظة الحاسمة ، اللقاء الثاني !!
لقائي بخطيبي المبجل ،  الذي بالكاد اعرف تقاسيم و جهه . . !

كنتُ أقف أمام باب الغرفة التي يجلس فيها ذلك الكائن المريب ؛ على وشك أن أفتح الباب عليه و أدخل ، و لكن عوضا ً عن ذلك كنتُ أتراجع للوراء ، لا أريد أن أجالس ذلك الرجل و لست ُ مطرة لـ أن أسمع حديثه ُ الممل . .  !!


" سأستجمع قواي كلها ، و ادخل و بكل قوتي أقول له :- اسمع يا هذا باختصار أنا لا أريدك نعم لا أريدك ، فلو سمحت طلقني ! "


وبهذه الطريقة أتخلص منهُ و للأبد  ؛ أمسكت بمقبض الباب محاولة الدخل اليه ، سميت بالرحمن و أنا مغمضة ً عيني" بسم الله الرحمن الرحيم "


أدرت المقبض و حركت الباب ببطء ٍ شديد و حالما رأيته بداخل ، شعرت بخوف ٍ رهيب و كأني رأيت قابض الأرواح !

لم تعد قدماي تحملانني !



رأيته يقف و يتحرك نحوي ، اقترب مني حيث كنت لا أزال بالباب . . مد يده يصافحني ؛ صافحتهُ ، فـ نظر في عيني قائلا ً :- " أريدكي في موضوع مهم " 


لم أعطي الأمر الكثير من الاهتمام ، و ذلك لأنني لم أشعر بأن هناك شيئا ً يستدعي القلق ؛ دخلت و جلست بهدوء ، لكنه كرر ما قاله ُ  بجديه !!

" أريدكي في موضوع مهم " 


" يا ساتر . . !! ما الخطب ؟؟"


في الأثناء رن هاتف المنزل و كان أخوه المتصيل يريد محادثته ُ . . انتظرت إلى أن ينهي مكالمته الهاتفيه ، انتظرت فترة ليست بالقصيرة هيئ لي بأنها نهار كامل !


كنت ألاحظ أنه ينظر إلي بطرف عينه بين اللحظة و اللحظة ، اضطرابا ً و خوفا ً شديداً بالحال اجتاحني ، نظراته مرعبة ، و أنا  بالمقابل أطاطئ رأسي كلما نظر إلي هاربة ً من نظراته !


انتهت المكالمة أخيرا ً ، بعد أن انتهيت أنا الأخرى !!


لم أعد استطع الوقوف على قدماي و لم أعد اقدر على الجلوس ، كل ما بداخلي ينبض بسرعة و كأنني كنت أركض منذ ساعات !!


قام من مكانه و اقترب مني ، انتظرته أن يباشر في الحديث ، إلا أنه غرق في فترة من الصمت تخيلتها دهرا ً !

لم أعد احتمل الانتظار أكثر 








لا زال للحديث بقية . . . انتظروا الجزء الثاني

يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــع !



Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites