الجمعة، يونيو 22، 2012

✿ - صُبّ لي وطن ..



بسم الله الرحمن الرحيم
السَلامُ عَليّكم و الأيـــام تؤرخ الأعــوام ..

:




عند حديث الأخرين عن الوطن ، يتجاوز الغريب الكلام بالصمت فَالكلام عن الأوطان أكبر من أن يقال ، هو خيط الضوء الوحيد الواصل بينه و بين ذكرياته ، طفولته ، شغب مراهقته ، و ثورة شبابه التي أودت به غريباً ليعيش باقي حياته في منفى . 

*

لم يكن حنينهُ طارء بل كان عميقاً بِ عمق أيامه المسكونة بالوحشة ، بِ عمق حياته التي خلت من كل الأشياء بِ استثناء فكرة هائمة بين ضجيج غربته المكتوم .. 

( الوطن ) !

الوطن بالنسبة له ملامح والديّه ، اخوته ، و أخواته ، و زوجة المستقبل .. المستقبل الذي حرمه من رؤية الجميع . الجميع لا يستطيع تخيل تقاسيم وجوههم الأن ، فقط يتناهى له الأمر لِشم رائحة التبغ التي تنتشر في صباحاته لتصل لأنفه فتداعبه برفق بالغ ، و تثير فيه بعضاً من نشوة الحياة ، وحده دخان السجائر الذي يخترق غزلته ليخبره عنها و عن سخريته من حاله .

يعلم أنها ما زالت بخير لكنها لم تعد تنتظر عودته ، لم تمل حبه لكنهم أقنعوها بالتعايش مع فكرة  عدم رجعته ، ثم أقنعوها بالتعايش معه و كأنه مات ، فَ أكملت حياتها من دونه كما تكملها سائر النساء . وحدها يتحاشى الحديث عنها .


أصدر أهاً عميقة من أعماق وجعه ، و أردف قائلاً : " صُبَّ لي يا صديقي وطن . " 
 لن أنسى تلك الدموع المتحجرة بين جفنيه ما حييت !


- كيف يبدو الوطن ؟
- أخبرتك سابقاً .

- ما الضرر في إخباري مرة أخرى ؟
- ولكنك تعلم !

- لا أعلم شئ ( قالها بحزم ! )
- الوطن يا صديقي نفس الوطن الذي أتى بكَ إلى هُنا لم يتغير بل زاد غرقاً في الوحل . نفس الوطن الذي أهداك عذاياً متواصلاً لِـ عشر أعوام ومنفى ، هو نفسهُ الذي يعيش بِ ذل و مهانة ، و تعيش أنت و  كل من طلب له الحرية و أبى أن تداس أرضه بالنعال بِ غربة فاقدة العنوان !

- ماذا عني أنا ؟
- أنت .. ! وحدها أمك تنتظرك و تبكي ، و الأمر أن الكل فقدوا الأمل في رجوعك ، و تعايشوا معك كما تعاملوا مع الوطن ، فقدوك فقداً أبيدي ؛ أعلم أنك ستصرخ قائلاً :- "أغرب عن وجهك ! " .

- لا يا صديقي لن أوبخكَ فَ أنا من أتى بكَ لتعذبني ، و ترهق ذكرياتي .. أبلغهم شوقي الكبير ، و أخبرهم و إن غابت شمسي لا وجود لليل في قاموسي فَ أنا اشراقة الحياة .

مهما ادلهم الليل سنطالع الفجر ........ فلسطين التي رحلت سترجع مرة أخرى !



- تمت 

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites