الجمعة، نوفمبر 18، 2011

✿ - ( ســـــندريلا ) . . من عالم الموميسات / قصة قصيرة ؛


بسم الله الرحمن الرحيم 
السلام عليكم و رحمته تعالى و بركاته ؛ 

مات والدهُ تاركاً لهُ ثروة عظيمة تغلق فتحة الشمس ، فصار لازماً عليه ادارة أملاك والده ، كان يسعى نهاراً جاهداً جاداً في إنماء تلك الثروة ، و ليلاً إمتهن تجارة من نوع خاص " شراء أجساد النساء بالمال مقابل النشوة على أسرة الموميسات فوق شراشف حريرية يحيكها الرجس و يغزلها القبح على أوتار نايه الصدئ ! " 

و في إحدى الليالي بعدما ثملت العقول على طاولة القمار التي ما كان يشغل باله عليها الربح و الخسارة بقدر ما كانت تشغل باله الحسناء التي تجلس بجواره ، و بينما عجلة الروليت لم تنتهي من الدوران أنسحب مغادراً المكان بصحبة المرأة التي سلبت ما أبقى الخمر لديه من عقل بدلالها و غنجها ، لكنه هذه الليلة على غير عادته غادر السرير  سريعاً باتجاه دورة المياه ( أجلكم الله ) ليفرغ ما في معتده من بقايا الشراب و الطعام غير المهضوم الذي صعد إلى مربئه بعد أن استثارة رائحة الرجال الذين سبقوه إلى هذا السرير المنبعثة من تحت جلد مومسته لديه رغبة التقئ !
غادر عتباتها على عجل تاركاً لها ما طلبت بلسانها من نقود كرجل قليل الخبرة في هذا المجال غير مبالي بدوامة الدخان التي تحلق فوق رأسها و لا قهقهات السخرية التي تطلقها تباعاً .

ساقتهُ قدماهُ في غير إرادة حيث شاء القدر ، و إلتقى بفتاته التي كان يبحث عنها في خيالاته و أحلام اليقظة ، كانت كملاك هبط من السماء ، كزهرة نرجس بُعِثَت من باطن الأرض ، جمالها ليس بحاجة إلى قولٍ أو إخبارٍ من أحد ، وقف زير النساء يتأم فتاته دون أن يخطر في باله أن تكون كمعشر النساء الواتي ضاجعهن . . فتبعثر فيه كل الماضي . . ربما لأنه يحفظ ملامحها دون أن يعلم تاريخها !

ودَّ لو يتوقف الزمن إلى المنتهى . . وهو يفرك عيونهُ ليتأكد أنه لا يحلم ، و تمنى لو يستطيع إغتيال عقارب الزمن كي تتوقف عن الدوران ، لتبقى فتاة تخيلاته جاثمةً أمام عينيه إلى ما لا نهاية !

أجهضت أبجديته بصعوبة العملية القيصرية جملة تبعثرت على شفاهه المتلعثمة قبل أن ينعقد لسانهُ و يفقد قدرته في الكلام ، و يغوص في بحر الصمت اللجي !

" ما الذي تريدينهُ كي تتحولي إلى حقيقة . . ؟ " 

و سرعانما قصر حبل الوصل و تلاشت المسافة بينهما فلامست يدهُ سطح كفها و ملأت أصابعهُ الفراغات بين أصابعها و التجويف في باطن كفها ، و تحول الكلام العادي إلى حديثٍ عذبٍ بين قلبين !

إرتجفت بين يديه كما انتفضت عيونها من الدموع المنبجسة من زمن ماضٍ بإتجاهها الأن يعيد نفسهُ كشريطٍ لذاكرة تتعمد إغراقه في بئر التناسي !
ترفع يديه عن وجنتيها ، و هي تشعر بمزيجٍ من الخوف ة و الحسرة عليها ، و تتبع الذكريات راكضة ورائها هرباً . . تهرع من مكانها . . تصرخ :- 
" لا تحاول أن تلحق بي . . لا تحاول أن تبحث عني . . لن تجدني لأني سأرحل لأخر الدنيا كي لا ألتقيك ! " 

لم يتركها . . لحق بها محاولاً إيقافها . . سبقها معترضاً طريقها . . أمسك يدها و هو ينظر إليها بنظرات تملئها علامات الإستفهام ، و على رصيف العمر أقعدها !
" أتركيني أسمع نتهيداتك . . و أغتال الدمعات على أهدابك لأقيم حياتي في عينيكي ! " 

 ولكن تبقى ملامحا ترسم نفسها بملامح الدهشة و الغرابة !

:-  ما ثمن الأنصياع لكَ و خوض هذه التجربة معكَ ، و ما نهايتها ؟ 
أهو الفراق بحكم إنتهاء المهمة بعد ليلة تملئها لوثة الجنس . . تكسيني في نهايتها بدولاراتك بعد أن عريتني في قمة نشوتك و أنت ترتدي ما إنتزعت من ثياب ؟

:- لطالما رأيتكي حلالي فوق سريري . . ملاكاً يبحر في منامي . . طيفاً أغمض لهُ عينايّ حتى لا تهرب صورتك من أمامي فلا تفارق عينايّ حتى و أنا  أنظر في المرأة !
و لكنكي أنتي واهمة . . النهاية أن تكوني حياتي ، و بقربي كل عمري و أيامي الباقيات ! . . أنتي وحدكي على سريري بعد أن كانت النساء ترقص تحت قدمي، و الرجال يعبرون من بين قدميكي!  

:-  السرير اليوم كان أعجب من العجب . . جعلني كالصخر ، و الفقر من الصخر نحتني ممياء بوجه أرزلي . .  تُلقي ما يأوي جسدها على الأسرة بصدرٍ خالٍ من القلب . . تتقن الدلع . . تستثير الجيوب . . تشبع نشوة حيوان أدميٍّ سلب السكر ذاكرتهُ لليلة واحدة فلا يذكرها بعدها . . فكيف تشاء الليلة أن تشعل في عروقي المشاعر دون وقود لتحرق طيفاً يرنو في خيالاتك كالفراشة برحيق وردي ؟
لقد تركت منذ عقدٍ من الزمن عالم الود و الوداع يا رجلاً له باع ، و سكنت أسفل البقاع من الضياع من الكلام النابي في الظن و جهل العباد!

:_ جئتي بسرعة البرق فانتشلتي طيفكي من خيالاتي وجسدته أمامي فيكي لتوقعيني في الحب في لحظات . . و ها أنتي ترحلين بسرعة كما قدمتي بسرعة لتجبريني على البحث عنك بين أقدام النساء دون أن تتركي لي حتى فرذة حذاء !


صمتت قليلاً ثم ضحكت و هي تسمع كلماته العفوية :- " دعيني أفتتح صفحة جديدة لحكاية ستكونين فيها أميرتي الخاصة . . و لنمسح الماضي . . و لنكن من التائبين و إن الله غفورٌ رحيم ! " 

و انحدرت من  عينيها دمعتان و هي بجواره تختتم حلماً لم تجرء قبلاً الإقتراب منه حتى في الخيال في ليلة أشبه بليالي ألف ليلة و ليلة ، كانت بالفستان الأبيض و جمالها الأخاذ السندريلا الأميرة الأسطورية الكاملة و هو الأمير ! 



- النهاية 
حنين نضال ( حنين أدم  )


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites