بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و الايــام تؤرخ الأعوام
:
إنفض الساهرون كلٌ إلى فراشه ، و بقية هي تراقب انكشاح الليل ، و الأدب الإلهي المتجلي في تناوب الليل و النهار ، كيف ينجلي الليل و يفسح المجال بلطف للنهار ؟
السلام عليكم و الايــام تؤرخ الأعوام
:
إنفض الساهرون كلٌ إلى فراشه ، و بقية هي تراقب انكشاح الليل ، و الأدب الإلهي المتجلي في تناوب الليل و النهار ، كيف ينجلي الليل و يفسح المجال بلطف للنهار ؟
- لو كان عندنا هذا الأدب في التناوب على أعمالنا .. لو كان في جيوشنا .. لما ضاعت أوطاننا !
الأصوات مكتومة و الحركة خاملة مع هذا لا يروق لها السبات ولا مضاجعة الأحلام ، لا تؤمن بها ، من وجهة نظرها الأحلام تراخٍ و كسل ، و لو جلسنا لنحلم لن ننجز .. لن نُحَرر أو نَتَحَرر ، و الحصاد خيال .. خيالنا في الماضي كلفنا في الحرب ضياع الأرض و هزيمة ، و السبات تكدس عوسج فوق هاماتنا ، فما عندنا نقوى على ازاحته ، أو لطم وجوهنا ندماً و حسرة ، كل ما لدينا سفك الحبر على الورق إذ ما غضبنا ، و بالخطابة المعارك لا تؤتى !
- الغلبة دوماً للبكم الذين ترد على حناجرنا مدافعهم ، لهم البلاد أرضاً و سماء و النماء و العطاء ، و لنا الدمار و الخراب و فنون الخطابة .
صبّت هذيانها في قدح من ألم و أخر من أمل رشتهُ بقليل من الملح طعماً في الفأل ، السماء تُسَيّرُ أموارها في مهل ، و الأرض تُصدر البخار و الدمار ، فَ تردهُ السماء إذ ما تكثف قنابل فَ تندثر الأرض ، و بعض حضارتها .
- الأرض ما زالت تُصدر الحروب ، و السماء لا تمانع ، تردها مذابح بدون رادعٍ أو مانع !
وشحت السماء بضياء الشمس ، أو بطيف إشعاعها ، و على غفلة توسدت خصالها العربية المدللة ، و نامت ، و في المساء استيقظت على عويل الأرض ، و عويل بهية المدائن يواصل شرخ ذاكرتها .
حزيران 1967 ..
هوت القدس .. هرولت ناحها ، مسكت قميصها كزليخة ، ودخلت سجونها ، تلبدت الحروف بمعانيها فصنعت بنفسج و عوسج ، افترشناها قصيدة ، و سارت هي على درب من سبقوها ترصف الجاهلية حضارة ، و تجمل الهزيمة بنص قصيدة ، صهيل القدس يسكن فصولها ، تتابع حروب عنترة تارة و المهلهل تارة ، و تنسج حكاية سيرها خيالها بما لا يشبه شيئاً مما حولها لحروب تُروى و لا تُرى ، فَ تتناسل حكاية العبور العظيم من الحكاية في ليالي شهرزاد التي لا تتم النهاية .
تشرين 1973 ..
سقوط أخر ، هوت الجولان ، حيرها هذا الخيط الرفيع بين الواقع و الخيال ، فَ أغلقت باب الحكايات ، و كبرت عليها حتى شاخت في لحظة .
1982 ..
رأيتها في مساء ما ذاهبةً ألى بيروت تفتح السجون للمحاربين ، و كان عليها أن تكمل سرد الحكاية و حدها ، على قدر حلمها ، أما القصيدة تشققت و تناثرت كالمرايا لأن كابوساً انبلج من وراء السطور المستترة خارجاً عن النص و أكوام ضحايا ، لكن القصيدة و إن تبعثرت لا تموت ، تولد من تبعثرها الكلمات و الكائنات و الحياة ، و الجراح التي تحدثها الشظايا في اللحم يأتيها زمان و تلتحم ، و الجيوش و إن استنزفتها المعارك تقوى و تلتحم .
كانون الأول 1987 ..
مرة أخرى تعود إلى المشهد من جديد ، هذه المرة في الضفة .. رأيتها تحمل على رأسها الصخور تكدسها في الشوارع كالذخيرة ليكتب من وحيها قباني أطفال الحجارة قصيدة تكبر في رحمها الكلمات على مهل و بطء و تشيخ مرة واحدة في زمن روضت فيه الكلمات لتنظم شعراً يطالب بالسلام مدفوعاً بقوة الإنسانية و بموجب الروابط بين أبناء العمومة .
أما هي تزينت بالأبيض و نامت لتدنو من حبة قمح تعيد للكلمات حماسها الأول ، علنا نعبر البرزخ الفاصل بين الليل و الصُبح .
أيلول 2000 ..
استفاقت .. غمغمت .. و غمغمت .. ثم نامت و نامت .
2008 ..
رشقتها غزة ببرقية قصيرة عبر الشبكة العنكبوتية .. هذا نصها .
أضرمت النار في خلدها فانتشت .. ثم نامت .
:
- ولا زلنا في انتظار استفاقتها ..