غرباء ولدنا
في عامين مختلفين
في بلدين مختلفين
واحداً في اثنين
روحاً تسكن جسدين
كَـ خاطرة عابرة
و مضينا غريبين
و مضينا غريبين
جمعنا جهازٌ أصــمْ
و كــان ما كــان
توشح المكان .. شقائق النعمان
في غير الأوان
و هــكذا رأيت الدم لأول مرة
الدم الذي علمني أن الندبة
ذاكرة لا تمحى
خيل لكَ أني جارية مدفوعة الأجر
جاءتكَ في استحياء
نبتت على قارعة الزنزلخت في عناء
صعبة و عذبة
فرت من أمامك هاربة
رميت بحروفكَ
لتلتقطها في خَدَرْ
سترتها عن الأعين عند القرأة في حذر
و كأنها ترتكب أول جرائم القدر
و كان للتدريب الطويل على الألفة
ما يجعل من الأفئدة المستعصية
ممكنة !
***
لم أكن آنذاك طفلاً صغير
لكني هو الآن
ألعب معكَ لعبة الفراق بــِ تلذذ مرير
و أفتح لِـ فعل كسر فؤادي
باب النسيان على مصرعيه
و أمني النفس
ســأنام .. و أســلا !
لكنها مهمة مستعصية
لأنهُ فينا من مساحيق التجميل
ما يكفي لتثبيت كل شئ في مكانه
و ما يكفي لِـ ترتيب
شظايا فؤادي المكسور
على ذبذبة المعضلة !
لأنكَ حيٌّ فيّ ترزق
و إن لم أكن فيك
لأن النسيان
سهلٌ ممتنع عن المقايضة !
وقفت عاجزة
على البرزخ الفاصل
بين الوصل و القطع
لِـ تحملني الفراشات إلى مدارج الضوء
كلما انبلج الصبحُ من ثقوب الحنين
لتنهمر ألوان الزهور
كَـ خواطر عشق مبعثرة
خيل لي أني أسمع دقات قلبك شوقاً
خيل لي أن الأرض ترقص و تطير
كَـ يمامة !
تداوي ندبة الفؤاد بكلمة
ملفوفة بالزنبق .. بالأخضر و الأزرق
كلمة ..
لم يبقى بعدها ما يقال
لم يبقى إلا الموت
و صبية مطأطئة الرأس
وحيدة .. عمياء
لا تملك قوت الحياة
لا تملك إلا الصرخات الغاضبة
أدركت الطعنة
فَـ حلت في قلبها اللعنة !
***
عرفت هذه الصبية
الحب .. بالكلمة
سكرت في حروفها
جُرحت في سكونها
صابحت حقول العوسج
في دمعة
في تواشيح الغناء
صار الكمان .. نعيق بوم
و صار نبض الوسادة همهمة ريح
ينسربُ الصوت مبتعداً
و رويداً رويداً
يعود إلى القلب
صوت الكمان
و يحط على الوسادة اليمام
قنابل تسقط في كل أن
و يدنو طائر خرافي سحري برفق
و برفق يطوي عليها جناحيه
فَـ تنام
و إذ ما نامت .. سلت
و أذ ما سلت .. غاب الكمان !
تَمّتْ