الأحد، ديسمبر 23، 2012

✿ - بعض النهايات لها شجن | مجموعة قصصية .




(1)
صوت الخلود ..

بينما كانت جالسة في سكون تحلم بعائلة ، و بيت هادئ ، و طفل أليفة كقطة . شعرت بشعور غريب جعل نفسها توجس لها بقدوم الموت . سمعت صوتاً قادم من السماء ، عذب يطرب الآذان ، وقفت تلبي النداء ، فإذ به الخلود يستعجلها الرحيل ، راحت في اتجاهه غير مبالية إلا بروعة ذلك الصوت القادم من غيابات الجُبّ .

 كل الأصوات من حولها غابت فما عادت تسمع سواه .
إنه  قادم إليها بأروع هندام ، و هي تتزيّا بثوب زفاف أبيض و بكل ما حظيت به من جمال و روعة ، مسك يدها ، و قال : " هيّا معي ! " ، فذهبت معه على موعد أنّ ترسل من نسلها من يكمل الحلم عنها .

 ثوانٍ قليلة ، و تصاعدت صرخات المحاض في غرفة الولادة ، تزف بفرح قدوم من سيواصل الحلم ، و تنعى رحيلها لعالم الخلود .

(2)
القبر بيته ..

قالت لهُ :- " لا أريد قصراً .. يكفيني أن أغفو بين ذراعيك فوق أرضية غرفة ، و لو كانت بلا صقف ! "
فـَ أمهلها بضع سنين يسافر فيها إلى إحدى البلدان للعمل ، و حين يعود سَــ يبني لها قصراً ..
سافر و صارت تبني لهُ كل يومٍ بيت شعرٍ على بحر عشقها ..
و مرت الأيام متلاحقة حتى وصل الحلم لذلك البيت الذي سَــ يتوج حبهما ، و يتزوجا بعد سنين الفراق و الإغتراب .. 
و في عصر أحد الأيام الصيفية قبيل موعد الزواج بــِ أيام أصابة رأسهُ رصاصة طائشة ، و هو متوجه ليستلم مفتاح باب ذلك البيت الذي سَــ يجمعهما أخيراً  ..
نقل على إثرها إلى المستشفى حيث حضي هناك بــِ صندوقٍ خشبي على مقاسه تماماً !

(3) 
الفستان الأبيض ..

سبقها إلى الدنيا بــ يومين ، فنمت و كبرت حتى أصبحت صبية غيداء أمام عيونه المفعمة بالود ، و كأنها عروس خلقة لهُ !

و في الوقت الذي لم تمتلك فيه الجرأة لــ تخبرهُ أنها لا تستطيع العيش من دونه ، أخبرها أنه لا يريد من الدنيا إلا هي لــ يمنحها ما تبقى من أيام عمره ، داخلاً محراب حبها بخطوات واثقة حيث هدتهُ روح طفلة لم تعكر صفوها تجارب السنين، و لطالما حلمت أن ترتدي لهُ الفستان الأبيض ، و من أجل ذلك الحلم حبى في درب الكد و العناء حتى وصل الحلم لذلك الفستان الأبيض !

و فعلاً ذات صباح إزدحم بكل شئ ، و خلا من الفرح صدمتها سيارة مضى صاحبها مبتعداً غير مبالي ، دنى منها و هو يفرك عيونهُ بيديه محاولاً تكذيب ما رأى ، ناداها فلم تجب ، حاول هزها بيده الرجفى لكنها لم تتحرك ، وقف برهمة من الزمن ينظر إليها بــ عيون الدهشة ، و هو يرج رأسهُ حتى يبعد فكرة سقطت من خاطرة الكوابيس صعب عليه تصديقها !

حملها بين ذراعيه متجهاً بها إلى المستشفى بــ خطوات تسابق الريح ، و دمعهُ المسكوب يطيح بكل الصور التي تأتي أمامه لــ سنوات ترتعش على مرمى دمعتين إنحدرت على وجنتيه مزغللة عينيه ، حيث حظيت هناك برداء أبيض ، فــ فشل في إهداء عمره لها حين نجحت هي و أهدتهُ عمرها كلهُ ، فــ إرتمى في أحضانها يودع ما سيضيع من عمره الباقي في غيابها !

للعلم . . هناك عابثاً كل يوم في مكان ما يكتب ( بقلم غير مبالي ) نهاية حكاية لم تكتمل فصولها !

(4) 
لأجلك لن أموت ..

قالت له : " لن أترك وحيداً فأنا أحبك يا أريج حياتي .. سأتشبث بالحياة ما استطعت كي لا تغرق بعدي بالطوفان ، إن شئت اختبرني ممرني بأحشاء الماء ، ستجدني جلداً كصلمود ، لا أذوب في البحار . ستأتخطى بحبك الأمواج و الإعصار ، سأخترق الظلمات السبع كنور البرق ، و أعود معك لنتوج حُبنا بالزواج . 

صار كل يوم يعقد لها ضفائر العزيمة و القوة و يزينها بقصائدة الغزل .
و في إحدى مساءات الشتاء رآى سيارة اسعاف قادمة بإتجاه بيته يحمل صندوقا .. في الصندوق حبيبته جثة هامدة ، أحضروها لتودعه بصمت !

(5)
 توبة عرافة ..

ضربت كفاً بكف ،و ألقت بأصدافها على المنديل أمامها تستطلع الطالع ، قالت : " ستموت يا ولدي بعد ثلاث ليالي ! " ، سأل : " كيف أموت يا خالة ؟ " 
قالت : " ستموت يوم عرسك ، و الذي هو بعد ثلاث أيام فأنا أقرأ ما هو أمامي مكتوب ! " 
تبسم و اطمأن قليلاً ، لم يكن عرسه بعد ثلاث أيام كما ادعت العرافة .

قال بعد أن لملم أجزاء قلبه الذي بعثرته تنبآت تلك العجوز قول الله تعالى : " ما كان الله ليذر المؤمنين  ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب و ما كان الله ليطلعكم على الغيب و لكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله و رسله و إن تؤمنوا و تتقوا فلكم أجر عظيم " . 

قررت العرافة التوبة بعد أن تمعنت المعنى المتجلي وراء الآية القرآنية طمعاً بالأجر و المغفرة . هجرت بيتها ، و جابت أنحاء المعمورة هائمة و مستغفرة ، و لما عادت وجدت المكان و قد تحول إلى مزار يآتونه المتلصصون على الغيب من كل فج عميق ، تطوفه عشرات العرافات الجدد . 

(6) 
العودة إلى الأرحام أمان ..

اكفهر وجهها ، و صبت جام غصبها تلك الليلة بترك المنزل و المدينة ، لتتحرر من قيود والدتها وخوفها على نطفتها - التي ستبقى بعينها قطعة لحم هشة - ما كبرت .

 حلقت كعصفورة صغيرة تعلمت الطيران حديثا مزهوة بجناحيها ، وهي تبحث عن عالم جديد .

ذات يوم التقت بأمها في الشارع ، عرضت عليها العودة للبيت فرفضت ، استجدتها فتعنتت . و في المساء نامت الوالدة معانقة خيبة أملها في ابنتها ، و فشلها في تربيتها .

و عندما أدركت أنها نملة صغيرة تداس بالنعال دون أن يراها أحد عادت إلى البيت ، و أخذت تمور في حضن أمها الدافئ بعنفوان ، و كأنها تريد أن تعود لجسدها الذي هي جزء منه ، فوجدته متيبساً و بارد جداً .

(7)
سندريلا ..

إلتقى بها في ساعة متأخرة من الليل ، عرض عليها مرافقته متأججاً برغباته الدفينة فرفضت ، داعبها فصدت . و حين أدرك أنها تختلق عن الفتايات اللواتي يظهرنّ أواخر الليل كانت قد غادرت .

ظنّ أنها سندريلا ، راح يبحث عنها في وجوه النساء في كل مكان إلا في قلبه .

(8)
خواء ..

كان ينظر ناحيتها ، و كانت مرتاحه لذلك ، وحين أشاح وجهه عنها مررت أصابعها على سطح ملامحها في غنج ، وهي ترسل شعرها الفاحم إلى الوراء ،لم تجد شئ في مكانه .

صرخت : " ما عدت أشبهني ! " 

(9)
أمنية ..

هبطت أمنية ضخمة من فستان غيمة ترقص على أطراف أصابعها فوق عاشقها ، و أردته قتيلاً .

غطته بغلالة من ضوء ، ضمدت جراحه ، جبرت كسوره ، و طارت نحو الغيمة وهي تصرخ : 
ـ لم أكن أعلم أني ولدتُ في جمجمة هشة لا تحمي حلماً ، ولا تستوعب تحقيقه ولو فكرة ! " .

(10)
الحب المستحيل ..

إلتقيا في ومضة حلم ، في لحظة لم يدركها الزمان ، و المكان نافذة قطار و محطة . عصفت رياح الحب مخلفة فستان أبيض يبتظر تقاطع الخطين المتعاكسين ليسيران في نفس الإتجاه .



- تمت 

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites