الخميس، فبراير 19، 2009

الحلقة السابعة من قصتنا - الخوف يأكل الروح ,,


,,
 


الســـلام عـليـكـــم ورحـمـــة اللـــه وبـركـاتـه
طـابـت أوقـاتـكـــــم

,,

مدخل ,,{ الحزن نفس الفرح بس فيه المشاعر تختلف ..}




لتنويه القصة خيالية _ من تاليفي 




,,

استيقضت على صوت أجهزة غرفة العناية المكثفة  ،، 
لـــأجد نفسي طريحة سرير المستشفى!!


لم أفتح عيني لكني كنت قد استيقظت ،،
كنت منهكة جدا ً ،، و أشعر بصعوبة في التنفس و صداع رهيب يكاد يفتق برأسي ،، و موجات برد ٍ تتخلل جسدي
حاولت أن أحرك جسدي المجهد فـــلم  أستطع الحراك
يداي و قدمي مثبتتان على السرير و كأن جبلا ً يرقد على كل قدم و كل يد !!

فتحت عيناي و رحت أتجول بهما في انحاء الغرفة الباردة 
و الخوف يتخللني ،، كنت أشعر برغبة ملحة للبكاء ،، فكرت أن أصرخ لكني لم أفعل ،،فقد كنت أشعر بأن لا أحد في المكان ،، و كأني في في صحراء خالية ،، 


أهتديت أخيرا ً الى الحل ،، الأذكار ،،  
قرأت المعوذاتين و الاخلاص كل منها ثلاث مرات 
مع قرأت أخر كلمة ( من الجنة و الناس )
تلاشى الخوف و بدأت أشعر بالدفئ قليلا ً

حاولت بعد ذلك جاهدة أن أستذكر ما حدث لي قبل سباتي  ،،
شعرت وكأن مضى علي قرن من الزمن وأنا في سُبات !!

و ما بين الحلم و الحقيقة كانت أمي هنا معي!!

لم أرها بعيني و لم أتحسسها ،، لكني شعرتها تضمني ضمة قوية لأحضانها و تتلمسني بيديها و تطوف بحنان كفيها على جسمي الممد بلا حراك ،، و تمسح على رأسي فتزول الجراح و تبرء ،، 
 و تبدل الحزن المستعمر بداخلي بـقبلة تطبعها في كل ركن من اركان فؤادي ،، 

 وددت لو أنكمش بــين ذراعيها لــأذرء موجات البرد التي  تجتاحني بدفئ أحضانها ،، و أنهل من الحنان جانيا ً و الأمان جانيا ً  ،، وددت لو أشكو لها همومي فــتحولها لأغنية تضخ الامل في عروقي ،،

في قرارة نفسي أعلم أن أمي لم ولن تكون هنا يوما ً و أن و جودها في عالمي مجرد أحلام ،، لكنها إن لم تكن معي جسدا ً للحظة روحها لن تتركني لحظة !!







 


أماااااااااااااااااااه ضميني و شدي العناق
ضميني فأنا منهك ،، أنا متعب ٌ
و أعيديني طفلا ً صغيرا ً لا هم له و لا جراح
يا ردائي من برد حزني
ضميني بحنين قلبكي
ضميني لأشبع منكي
ضميني وبادري بالعناق

أماااااااااه لفراقك خفق الفؤاد منتظراللقاء
مشتاق يئن من ألم الفراق
فقد طال غيابك
وطال عذابي
و فجعني رحيلك
فبكى القلب قبل أن تبكي العين
رحت ُ أناديكي و لا أدري من أين أنديكي
أعلم بأني مهما صرخت بأعلى صوتي لن تسمعيني
لكني أناديكي ،، أناجيكي
وقد مضى من عمر الدمع سنين
 أوعديني حلما ً أن تزوريني
ولا تتركيني بين حزني و مدامعي
ودعيني أبتر من قاموس الحياة ،، ألمي






لا أعلم كم مضى من الوقت و أنا وحيدة في هذه الغرفة الباردة القاحلة بشريا ً ،، و المزدحمة بصوت الاجهزة المعلقة فوق رأسي و صداها ما بين غيبوبتي و يقضتي !!
بينما كنت أحدث روح أمي التي أستشعرها تحوم في سمائي ،، قطع حديثنا مجموعة أشخاص دخلوا علي الغرفة أصواتهم لاحت قبلهم يرتدون ثيابا ً بيضاء يتقدمهم أبي !!


حالما رأني أبي مفتحة العينين ،، انهال علي لــيستقبلني بالأحضان و الدمعات بعد أن عدت مفتخة العنينيين !!


قال بلهجة عتاب :-

" هكذا يا صغيرتي أخفتني عليكي ،، الأهم .. الحمد لله على سلامتك ،، أنتي لا تعرفين ماذا فعلتي بـــأباكي "  

 


شعرت بدمعاته تتهاوى على مكان موضع رأسه فوق صدري ،، فقد اخترقت ثيابي ،، فأعدتها و نزفتها من عيني مع دمعاتي !!

أرجوك يا أبي لا تبكي ،، 

لم أكن أعلم قبلا ً أنك تحبني لدرجة بكائك على صدري ،، دون أن تبالي بمن حولك ،،

أرجوك لا تعذبني أكثر ،، ارفع رأسك و امنحني يديك لأقبلهما و أعتذر !!


كانت هذه أول مرة أرى فيها أبي يبكي ،، دمعاته كانت أشبه بــماء النار تنساب  على جسدي !! 

رفعه أحدههم من على صدري منتزعا ً أحضانه مني ،، 
و أحتظنه مهنئا ً بسلامتي ،،  
تعالت من بعدها الأصوات المهنئة لتطغى على رنين الاجهزة المعلقة فوق رأسي 

" الحمد لله على سلامتها "
" اهنيت بسلامتها " 
" الله لا يحرمك منها " 





وقف أبي بعدها بجوار سريري يقبل و يقلب كفي ،، 
كان أشبه بشخص حصل على ثروة مليارية  ،، يكاد يطير من شدة الفرحة ،، 
أقسم بالله العظيم أني يوما ً لم أتوقع من أبي كل هذه المشاعر،،
ولم أتوقع قبل اليوم أنه كان يخبئ لي كل هذا الحب و الحنان ،، أين كان هذا كله يا أبي ؟؟

كان هناك أشخاص يتحركون حولي من كل حدب و صوب ،، أخذوا بعض القرأت من على الأجهزة المعلقة فوقي ،، خففوا من حشد الأسلاك التي تكبلني ،، ودونوا ملاحظاتهم على الملف الأخضر المعلق في خاتمة سريري ،، سألوا و أجبتهم و يالي كثرة أسئلتهم ،، وكثرة غرزهم للأبر الطبية في جسدي يمزقون أجسادنا و يضيفون فوق ألم المرض وجع وخز ابرهم بحجة انهم يطببوننا !!

أخبرتهم بأني أشعر بصداع و ضيق في التنفوس و قشعريره في كامل بدني و بأن هنالك موجات برد تجتاحني من لحظة لأخرى
طمأنوني بأنها ستزول بعد أن تأخذ الأدوية مفعولها في جسمي !!



راح أبي يتفحص الأجهزة و الملف الاخضر بعد أن أنهوا مهمتهم و هموا برحيل ،، وقبل أن يغادروا تحدث معهم بلغة الاطباء ،، كان حديثه ملغم بمصطلحات لم يسبق لي أن سمعتها ،، عرفت في قرارة نفسي أنها أسماء لــأدوية !!

أخيرا ً غادروا قائلين :-

" حمد لله على السلامه ،، ما تشوفي شر " 

لكن أبي لم يغادر معهم ،، سحب كرسيا ً كان جاثما ً في أخر زاوية من الغرفة و جلس بقربي و لا تزال الدموع في عينيه ،، و قال :-
" أتشعرين بشئ ؟؟ .. أيؤلمكي شئ ؟؟ "

حركت برأسي أن لا يؤلمني شئ  !!
ما عادت شئ يؤلمني أكثر من دمعاتك التي تهاوت على الملئ يا ابي ،، 

تنهد و أردف قائلا ً :- 
" يا الهي أكاد لا أصدق عيني ،، الحمد لله اخيرا ً اميرتي الصغيرة أفتحت عيناها وهي سالمة غانمة ،، ربي لا يحرمني منك ،،
و أردف :- معقول أنتي مستيقظة و قد أفتحتي عيناكي

ذكرني بكلماتي التي قلتها له قبل أن ادخل في الغيبوبه 

قالها بتنهد :-


افتقدوني لأني سافتقدكم
بل افتقدوني حتى ولو لم افتقدكم
امنحوني شوقكم مجاناً
فقد دنى اجلي واني مفارقكم 

من ثمة مسح على وجهي و هو ينظر الى عيني و قال :- 

" لو حدث لكي شئ لم أكن لأسامح نفسي طوال حياتي يا صغيرتي ،، سامحيني فــقد قصرت في حقكي كثيرا  و ألمتك أكثر "


إستجمعت كل ما كان لدي من قوة لأرفع يده و أقبلها ،،
لا تعتذر يا أبي فدمعاتك الغالية أثمن عندي من روحي ،، أرجوك لا تبكي ولا تعتذر !!



 بعد ثلاث أيام سُمح لي بمغادرة المستشفى للبيت ،، و الحمد لله كنت بصحة جيدة نوعا ً ما ،، 

بينما كنت عائدة للبيت مع ابي و زوجته صباح 

علمت منهم أنهم لم يخبروا أحد أني بالمستشفى و أنهم أوصوا اخوتي ألا يخبروا أحدا ً أيضا ً!!

و كانوا متجنبين الحديث عن موضوع الخطوبة الذي أدخلني المستشفى!!

في اليوم التالي كنت بــصحة جيدة تقريبا ً ،، قررت الذهاب للجامعة بعد تغيبي لأسبوعين بــصحبتي تقاريري الطبية التي تثبت أني تغيب لمرض !!

كان يبدوا على وجهي أني مريضة ،، دون أن أتكلم و بدون التقارير الطبية عرف الجميع أني تغيبت بسبب المرض !!

حضرت محاضرتين كان يفصل بينهما وبين المحاضرة الثالثة و الأخيرة ساعتين فراغ ،، 

كنت مع احدى زميلاتي جالسة على أحد المقاعد أمام مدخل مبنى الجامعة ،، إذ بـــمحمد قادم نحونا تلوح في وجهه علامات استفهام ،، و عاقد الحاجبين !!
:- السلام عليكم 
:- و عليكم السلام 
:- كيف حالك ؟؟ فقد سمعت أنكي كنتي مريضه .. الحمد لله على سلامتكي !!
:- الحمد لله على كل شئ  

استأذنتك زميلتي و غادرت ،، فرح كثيرا ً لمغادرتها و أغتنم الفرصة و جلس مكانها بجواري على المقعد !!
أخبرني بانه قلق علي كثيرا ً و كاد عقله يخرج من مكانه من شدت القلق ،، و أكثر من السؤال و ألح في السؤال عن سبب مرضي و تغيبي عن الجامعة لمدت اسبوعين دون أن يعلم عني أي أحد شئ ،، فعلى ما يبدو و يلوح من كلامه أنه كان يسأل زميلاتي عني ،، ولم تفده أي واحدة منهن بخبر عني !!

أخبرته بكل ما حدث معي بالتفصيل ،، و أني كنت بالمستشفى ،، و كنت بغيبوبة لمدة عشر أيام بسبب انهيار عصبي اختلط بنوبة ربو حادة نجوت منها بأعجوبة و الحمد لله !!

تغيرت ملامح و جهه و أنا أتحدث ،، و كأنه لا يصدق ما يسمع !!
سألني وصوته يرتعش عن موضوع الخطوبة و ما حل به !!

لم يحدث شئ فأنا بالامس قد غادرت المستشفى و كان أبي يتجنب الحديث عن هذا الموضوع  !!

ضرب على رأسه ثلاث ضربات متتالية!!

:- ما بالك لما تركل نفسك هكذا ؟؟
:-  أكاد لا أصدق ما سمعته منكي !!
:- أقسم لك بأن هذا ما حدث معي 
:- أنتي الأن ما رأيك بموضوع الخطوبة 
:- رأيي واضح و لا يحتاج لسؤال !!
:- أهم شئ الأن أنك بصحة جيد ،، الحمد لله على سلامتكي ،، أنتي لا تعرفين ماذا حل بي ،، فقد فكرت في كل شئ حتى كاد رأسي أن ينفجر !! دون أن أصل لنتيجة عن سبب تغيبكي !! 

قام من مكانه ،، وقف قليلا ً و هو يقلب كفيه ،، شمر عن ذراعيه ثم جلس ،، و بعدها بقليل أخرج هاتفه من جيبه ،،

:- أعطيني رقم هاتف والدك 
:- لماذا 
:- أعطيني اياه وستعرفين فيما بعد 
:- لا لن أعطيك اياه إن لم تخبرني لماذا توده 
:- أنتي غبيه أم أنكي تتغابين 
:- أود أن أتحدث مع والدك لأخذ منه وموعدا ً ،، لأخطبكي منه 
:- ماذا ..؟؟ لا لا لن تفعها !! ،، لا بد أنك تمزح 
:- ما بالك ،، أود أن أتقد لخطبتكي أم أنكي غير راضية لان أكون زوجا ً لك ؟؟


وهذه كانت الصدمة الحقيقية التي لم أتوقعها حقا ً ،، أشعر بدوار فضيع و صداع ايضا ً ،، تتسارع الأحداث من أمامي بسرعة رهيبة ،، و أنا فقدت توازني معها بشكل كامل !!

:- ها ماذا قلتي ؟؟
:- في ماذا ؟؟
:- يا بنتي أود رقم هاتف والدك ؟؟ 
:- لا لا أود أن اعطيك رقم والدي 
:- ولماذا ؟؟
:- لا أعرف !!
:- حسنا ً أعطيني اياه و أنا سوف أعرفكي كل شئ حالما اتصلت به
:- هل أنت جاد أم أنك تمازحني ؟؟
:- لولو هل تعتقدين أن هذه المواضيع فيها مزاح ،، أعطيني رقم هاتف والدك ،، فقد جعلتي منظرنا أضحوكه ،، الكل سمع صوتي العالي !!
:- حسنا ً هاك رقم والدي 


في طريق عودتي الى المنزل ،، تغير الجو كثيرا ً ،، برد و رعد و أمطار غزيرة ،،
الناس كلهم من حولي مسرعون ،، و أنا أمشي ببطئ على حافة الرصيف ،، 
أمشي و لا أعلم الى أين أذهب ،،أمشي بلا مشاعري بلا أحاسيس
أتخبط بخطاي ّ من سكر اليأس فما من بقعة ضوء في دربي !! 
هو اليأس يتوشح عالمي ،، فــلم أعهد في حياتي فرحة واحدة مكتملة ،، 

لم أكن وحدي من يمشي على الرصيف ،، الناس كثيرون ولكن وحدي من كنت أمشي رغم هطول المطر بــسكون !!
أراهم حولي يتعجبون ،، ولكنه بما أشعر لا يشعرون !!
لم أبكي ،، و لكن كل شئ حولي كان يبكي ،،   
بقيت أفكر و أفكر و يشتد مع التفكير صداعي و يضيق النفس أكثر و أكثر و لم استطع حتى ان اغمض عيني ،، فماذا سيحل بي بعد كل هذا ،، و الى أين سؤول مصير ؟؟ لا أدري !!

في اليوم التالي جاء الي والدي في غرفتي بعد العشاء ،، لم أفهم تعابير وجهه ،، ولكن كان يبدو عليه أنه يريد أن يقول شئ ،، كنت أخشى ما أخشى أن يتكلم عن موضوع خطبتي لأبن عمي ،، لكنه لم يفعل ،، و سألني :- 


:- مين محمد ؟؟
:-  مين محمد ؟؟
:- أنا لا أدري من هو محمد و أنتي من سيخبرني من هو محمد ؟؟
:- لم أفهم ما تقصد يا أبي  
:- محمد  الذي كنتي ترددين بأسمه أنتي في غيبربتكي !!
:- أنا !!
:- أجل أنتي ،، هل هو نفس الشخص الذي طلب يدكي مني اليوم ؟؟
:- أوه ومن هذا أيضا ً ،، لا لا لا اعلم ماذا تقصد !!




كـــــــــــــ .. يتبـــــــــــع ..ــــــــــــت


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites